المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجربة من حياتي



عبدالله القايدي
05-03-2009, 03:46 PM
سألني أحد الزملاء ما هو سر الحصول على جوائز التميز، وما هذه الخلطة السرية التي اكتشفتها، ولا نعرفها.

فقد حصلت قبل سنتين في عام 2007م على جائزة (الموظف المتميز) لحكومة الشارقة

وفي هذه السنة 2009 حصلت على جائزة (مواطنون على دروب التميز) لحكومة عجمان

كان ردي عليه بأني سأكشف هذا السر ليعرفه الجميع، حيث حاول البعض من الناجحين والمتميزين في الحياة الاحتفاظ به لأنفسهم بعد أن اكتشفوه، لأنهم عرفوا بأن من يدرك هذا السر فإنه سيحقق بواسطته الكثير من الأحلام والأمنيات في الحياة والعمل، ولأنني أرفع شعار( نحن جميعاً شركاء في المعرفة والتعلم)، سوف أكشف لكم هذا السر!!.

ولكن قبل أن أكشف السر سأحدثكم عن تجربة من حياتي كان لها الأثر الكبير في تغيير القناعات والمفاهيم عندي واكتشافي لهذا السر.

لقد عشت هذه التجربة وتعلمت منها الدروس والعبر، فأحببت أن أسلط الضوء عليها لتعم الفائدة على الجميع.

قبل سنوات مضت وفي يوم من أيام العمل دخل لمكتبي شخص عزيز علي أحترمه كثيراً، وبعد أن سلم وصافح جلس ليشرب فنجان القهوة.

ثم بادر بسؤاله قائلاً: (أسمع بأن تعاملك مع المجلس البلدي للمدينة فيه الكثير من الشدة والسلبية والانتقاد لأعمالهم ولأشخاصهم، ما الذي يحدث بينك وبينهم ؟!)

سارعت بالرد والدفاع عن نفسي وقمت بشرح الأسباب (وبأن أعمالهم هزيلة الكفاءة، وإن البعض منهم يولي اهتماما بصغائر الأمور ومصالحهم وبروز أشخاصهم أكثر من الاهتمام بتطوير المشاريع في البلدية والمدينة، وشرعت بسرد بعض الأمثلة والقصص على ذلك )(طبعاً كان ذلك في سنوات مضت ).

ثم أكملت وقلت ( لو أن قادة المجلس ينصتون للنصائح ويأخذون الأفكار والاقتراحات المتميزة، لأصبحت مدينتنا ومؤسستنا جنة جميلة، ينعم بها الجميع ويفخر كل من فيها بالإنجازات المتميزة والتي سنشاهدها على أرض الواقع وفي المستقبل).

و لكن بعد أن استمع لحديثي بدون أن يقاطعني، قال لي كلمات ظلت عالقة في ذهني وتفكيري.

فقد قال (إنك الآن أصبحت شوكة لا تفيد نفسك ولا تفيد الناس ولا المجتمع من حولك بل تضرهم وتؤذيهم وقد تدميهم)

لقد وقعت هذه الكلمات في نفسي كالصاعقة رغم أنها بسيطة ولكنها كانت قاسيه، فكرت بها كثيراً، ولقد توصلت لمعناها الحقيقي فيما بعد، واعتبرتها هدية ثمينة تلقيتها في حياتي ).

وقد كان لزاماً علي أن أختار، وأن أسلك أحد طريقين وهما:

الطريق الأول( هو أن أظل بهذه الأفكار وتوجيه الانتقادات وإصدار الأحكام على الآخرين، وفي هذا الطريق سيكرهني الجميع وقد أطرد من العمل ، وأهدم جميع ما أسعى لبنائه )

أما الطريق الثاني (بأن أكون أكثر بساطة في تعاملي مع المشاكل لأن من لا يخطئ غير موجود على سطح الأرض(ونحن لسنا في المدينة الفاضلة)، وأن أبادر بالتفاؤل والتغيير الإيجابي المثمر في حياتي وفي العمل).

وبدون أن أتردد سلكت الطريق الثاني، واستطعت بعد توفيق رب العالمين أن أحقق بعضاً من هذه الأفكار والتطلعات، وذلك بابتكار أساليب متطورة للتواصل مع الآخرين وخاصة المجلس ، مثل (الرسالة الأٍسبوعية) و(بطاقة بادر) و(قائمة الأفكار) وهي تجميع لأفكار ومشاريع الموظفين والمراجعين وجميع المستفيدين من خدمات البلدية، مع وضع أفكاري بها، وعرضها على إدارة البلدية لإدراجها في جداول اجتماعات المجلس وقد لاقت بعض هذه الأفكار الاستحسان وتحول بعضها الأخر للتنفيذ، وها نحن اليوم نشاهد تلك الأفكار وقد أصبحت مشاريع على أرض الواقع يستفيد منها الجميع.

لدرجة أن بعض أعضاء المجلس المميزين بادروا بالبحث وطلب الأفكار والملاحظات، بعد أن اكتشفوا بأن هناك كنز ثمين من الاقتراحات والأفكار في عقول الموظفين والمراجعين، وأصبحوا هم المدافعون والمؤيدون لهذه الأفكار بدل أن يكونوا حراساً للطرق التقليدية البالية في العمل، وفي إدارة المشاريع.


فالقائد الحقيقي ليس من يشير إلى مكامن ومواضع الخلل فقط، فأي إنسان عادي قادر على القيام بذلك، ولكن القائد الحقيقي هو المبادر إلى إصلاح الخلل بالقدوة وبالعمل الإيجابي وبالتفاؤل بالمستقبل، وبتحريك الآخرين نحو تحقيق الأفكار والأهداف وبأن يتطلع للمستقبل ، لا بالإشارة والتشهير بالآخرين، فالقائد هو القادر على انتشال الغريق بنفخ طوق النجاة وبالسباحة لا بالنياحة.

لقد تعلمت في ثقافة التغيير، بأنه لا يوجد مستحيل، ولكن يجب عليك أن تلبس درع المحارب، فالتغيير قد يكون مرفوض من بعض الناس، ولكن قبل أن تواجه الآخرين يجب عليك أن تواجه نفسك، وتبدأ بالتغيير من داخلك قبل أن تغير من حولك ، قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، وذلك بالتحول للتفكير الإيجابي والتفاؤل بالمستقبل فهو الوقود المحرك للإنجازات العظيمة والمتميزة على مر العصور وفي جميع المجتمعات والشعوب التي استطاعت بواسطته تحقيق البطولات والإنجازات المتميزة في الحياة والعمل .

(الشخص الإيجابي) هو المستفيد من ماضيه والمستثمر لحاضره والمتفائل بمستقبله، وقد عرف الخبراء التفاؤل بأنه الميل الذهني لتوقع أفضل الاحتمالات في المستقبل، مع الأخذ بالأسباب ومن ثم التوكل على الله، لأنه لولا التفاؤل لامتلأت حياتنا باليأس والفشل وترقب أسوء الأمور، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى (في الحديث القدسي) ( أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منه ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) . (صحيح مسلم).

إذاَ سر التميز الحقيقي الذي اكتشفه الناجحون والمتميزون على مر السنين (سر التميز هو طاقة التفاؤل الإيجابي) ولكن بشرط أن يدفعك هذا التفاؤل إلى العمل الجاد والاجتهاد، وليس الجلوس والكسل وانتظار الفرج بالتغيير دون عمل، المتفائلون هم من ينظرون دائماً لنصف الكوب الممتلئ، لأنه يعبر عن الطاقة الدافعة للأمام.

إذاً أردت أن تترك بصمة مؤثرة، وأن تكون أحد قادة التغيير في هذه الحياة، كن متفائلاً تكن من صناع الحياة.

قال تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) (البقرة: من الآية216)

المستشار
05-03-2009, 04:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي عبد الله القايدي

ما شاء الله تبارك الله تستحق كل خير

وتجربة ثرية

والتفائل اساس النجاح

وفقك الله

طيبه
05-03-2009, 05:27 PM
جزاك الله خير اخي عبدالله على ذكرك لتلك التجربة الناجحة ليستفيد منها الجميع..

واشد ما اعجبني فيها قدرتك على كسب الاخرين.. باشراكهم في تقديم الافكار والمشاريع وبالتالي صناعة القرارات..

مما جعلهم اكثر الناس دفاعا عن تلك القرارات والافكار لانهم احسوا انها منهم ولهم..

بارك الله فيك ووفقك.. وكثر الله من امثالك..

عبدالله القايدي
05-03-2009, 08:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله

شكراً أخي العزيز (المستشار) على المرور والمشاركة بالكلمات الطيبة.

والشكر موصول للأخت (طيبه) وبالتفاعل الطيب بالرد الإيجابي على الموضوع.

أتمنى التوفيق للجميع، وما ذكري لهذه التجارب إلى من أجل أخذ أفضل الأمثلة ، وذلك للمبادرة بالتطوير والرقي بالتفكير وذلك لقيادة المستقبل والتأثير في الحياة ، ولكي نصبح من صناع الحياة .

المحب لكم من الإمارات الحبيبة / عبدالله القايدي

روان2008
05-05-2009, 11:55 PM
تجربه ثريه تستحق أن نقف عندها ونتزود منها .....
حقيقة أخي الكريم نتمنى أن يكون لدينا عبدالله القايدي للعقليه المثمره ماشاءالله تبارك الله
التي متعك الله بها والحس الوطني الذي يفتقد له الغالبيه من المسؤولين لدينا ....

تقبل تحياتي .

mohamed.a
05-06-2009, 01:12 AM
أخ عبد الله .... أشكرك على هذا الطرح المتميز ، وعلى التعبير السلس

والأسلوب الجذاب ، واللغة الجميلة وكلها جعلت الموضوع مشوقا .

ومما لاشك فيه أخ عبد الله أن الحياة - تجارب -

في الحياة نمتحن قبل أن نتعلم وهنا تكمن الصعوبة ، الذين يكتشفون الداء

ثم يشيرون اليه كثيرون ، ولايملكون الدواء { القائد} الذي يأمر وهو لايملك وسائل التنفيذ

يكون عالة على البيئة التي يعمل فيها وعلى المجتمع ككل ، لأنه لاينصح ولا يوجه

بل لايفكر في ذلك اطلاقا ، لأنه حبيس نفسه لايأخذ بأراء الأخرين لايقبل بالنصح والتوجيه

مع الأسف هذا بعض من واقعنا ، ننظر الى الأمور من زواياها السلبية مهملين الإيجابية منها

ونتشبث بهذه الأفكار ولا نبغ أي تحول عنها ، والمصيبة أننا نعتقد أنها الطريق الصحيح ...

نعم لابد من أن نتغير لابد أن ننظر الى المستقبل بتفاؤل لابد أن نحاول ونجرب ونعيد ونكرر

حتى نصل الى الطريق الصحيح ...

تحياتي اليك أخ / عبد الله على هذه التجربة الثرية والنجاح الذي وصلت اليه بواسطتها

فمزيدا من التفاؤل والتميز والنجاح ان شاء الله ..

عصام قاسم
05-09-2009, 03:46 PM
أخي الكريم عبد الله القايدي ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... جزاك الله خيراً على إيراد هذه الدورس الهامة ... شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

nader babeker
05-09-2009, 04:49 PM
شكرا اخي عبدالله القايدي تجربه رائعه وفقك الله

"سر التميز هو طاقة التفاؤل الإيجابي"
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .