SHAIMMAA
11-28-2008, 05:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
المعوقون العراقيون يساهمون في تنمية مجتمعاتهم
تجربة مشروع التأهيل المجتمعي في العراق
إعداد: غسان الصفار
مدير مشروع التأهيل المجتمعي في العراق
منظمة العمل الدولية
تقول المقولة العربية القديمة "عندما تنظر إلى كاس فيها ماء للنصف لا تقل كاس فارغة لنصفها بل قل كاس مملوءة لنصفها"، فالتعبير الأول يعبر عن تشاؤمك فيما يعبر الثاني عن نظرة متفائلة لنفس الحالة. ما بين التفاؤل والتشاؤم تتراوح النظرة إلى الإعاقة والمعوقين وتتباين الأساليب التي تعالج هذه الظاهرة.
ينطبق هذا على العراق مثلما ينطبق على أية دولة أخرى وعلى الأخص الدول النامية التي نقلت تجربة الدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانية فأنشئت المعاهد الخاصة بالمعوقين والتي ثبت عدم فاعليتها كونها تخلق مجتمعات منعزلة لا يعرف عنها المجتمع شيء. لهذا تبنت منظمة العمل الدولية أسلوباً جديداً واكثر فاعلية في إعادة تأهيل المعوقين هو أسلوب التأهيل المجتمعي Community - Based Rehabilitation الذي يعتمد على مساهمة المجتمع أفراداً ومؤسسات في إعادة تأهيل المعوقين والتي تجري ضمن المجتمعات المحلية. يطبق هذا الأسلوب في العراق من خلال مشروع التأهيل المجتمعي الذي تنفذه منظمة العمل الدولية - المكتب الإقليمي للدول العربية بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق ويموله البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق.
ابتدأ المشروع في علم 1995 حيث حددت أهدافه بالتعاون بين الأطراف الثلاثة وفي ضوء دراسة وضع المعوقين في العراق. يهدف المشروع إلى توسيع فرص التدريب المهني والتشغيل للأشخاص ذوي الإعاقات من خلال مشاركة أفراد المجتمع ومنظماته في عملية إعادة التأهيل وحيث إن أسلوب التأهيل المجتمعي يعتبر حديثاً تماماً في العراق في ذلك الوقت لذا عمل المشروع على تطوير معاهد التأهيل المهني للمعوقين القائمة في العراق وعددها خمسة معاهد مع محاولة توجيهها وجهة مجتمعية وذلك من خلال تطبيق برنامج جديد للتقييم المهني يعتمد مبدأ البحث عن القدرات المتبقية لدى الأشخاص ذوي الإعاقات (الكأس المملوءة لنصفها) خلافاً للأسلوب التقليدي المتمثل بتحديد نوع ودرجة الإعاقة وإجراء التقييم في المجتمع المحلي والمعاهد وبمشاركة أصحاب العمل والورش في القطاع الخاص.
كما تم تطوير البرامج التدريبية وإعادة تصميمها في ضوء الاحتياجات الفعلية من المهارات التي يحتاجها المجتمع لهذا طبق أسلوب ( التدريب بالوحدات التشغيلية MES ) والذي يتيح الفرصة للمتدربين لاختيار المهارات التي يحتاجها فعلاً وتزيد من فرص حصوله على العمل كما شارك أصحاب العمل والورش الخاصة في مراجعة مقررات المنهج واختيار المهارات المطلوبة فعلاً في السوق المحلي. ولغرض تطبيق برنامج فعال للتأهيل المجتمعي تم إنشاء ثلاث وحدات للتأهيل المجتمعي واحدة في كل من بغداد، البصرة، نينوي وهي المحافظات التي عمل فيها المشروع عند بدءه. نظم المشروع دورات تدريبية للكوادر العراقية في فلسفة التأهيل المجتمعي وإدارته ساهم فيها خبراء منظمة العمل الدولية وأتيحت الفرصة لعدد من المنسقين للتدريب خارج العراق.
الخطوة الأولى في تطبيق برنامج التأهيل المجتمعي كانت التوعية الإعلامية فالأسلوب يعتبر جديداً مما يتطلب تطوير اتجاهات أفراد المجتمع تجاه المساهمة في إعادة تأهيل المعوقين لهذا بدا المنسقون عملهم بتنظيم لقاءات مع المعوقين وعوائلهم، المختارين، المنظمات الغير حكومية كاتحاد النساء، اتحاد الشباب، مجالس الشعب، رجال الدين، وجوه المجتمع. تم تنظيم هذه اللقاءات في المقاهي، بيوت المختارين، الجوامع، الكنائس، المدارس والجامعات. وكان للأشخاص ذوي الإعاقات دوراً أساسياً في تنظيم هذه اللقاءات.
جواد جبار - شاب معوق يستخدم الكرسي المتحرك- عبر عن رأيه في هذه اللقاءات وقال "كنت أرى الدهشة على وجوه المشاركين في هذه الندوات إذ كان اغلبهم يعتقد إننا لا نستطيع عمل شيء وما علينا إلا انتظار حتفنا. لا زلت أتذكر شخصاً نهض من بين المشاركين وقال لي كيف تتوقع مساعدتنا ونحن فقراء نحتاج للمساعدة. أجبته صحيح نحن جميعاً فقراء إلا إننا أغنياء في نفس الوقت فنحن نملك النيات الحسنة والرغبات الصادقة في مساعدة أحدنا للآخر. وبمرور الوقت وبعد ان نجحنا في إدارة المشاريع الفردية التي ساعدنا مشروع التأهيل المجتمعي عل إنشاءها .. اصبح هذا الشخص من اكثر المتحمسين للتأهيل المجتمعي ومساعدة المعوقين لاتباث قدراتهم..."
بموازاة الحملة الإعلامية بدا المنسقون عملهم ضمن مجتمعاتهم المحلية وبمؤازرتهم لجميع المعلومات عن المعوقين في سن العمل وتثبيت قدراتهم ومهاراتهم واحتياجاتهم "تدريب مهني أم فرصة عمل أم مشروع فردي مدر للدخل". واصدر المشروع عدد من النشرات الموجهة للمعوقين وأصحاب العمل والمؤسسات الحكومية خاصة بحقوق المعوقين وقدراتهم مع استعراض لتجارب عربية ودولية في مجال التأهيل المجتمعي.
التدريب المهني المجتمعي
في مجال التدريب المهني للأشخاص ذوي الإعاقات طبق عاملوا التأهيل المجتمعي أسلوباً جديداً هو التدريب في المجتمع المحلي حيث تم تدريب عدد من المعوقين مع أصحاب العمل والورش ... وقد اثبت هذا التدريب فاعليته الكبيرة مقارنة مع الأسلوب التقليدي للتدريب الذي يعتمد في مراكز تدريبية إذ أن التدريب يجري في جو عمل حقيقي وعلى مهارات إنتاجية حقيقية ومن التجارب التي يمكن الإشارة إليها تجربة الشابة انتصار مجيد فقد تقدمت بطلب للتدريب في معهد التأهيل المهني للمعوقين في البصرة إلا أن بعد المعهد عن سكنها حال دون التحاقها بالمعهد. اقترح عاملوا التأهيل المجتمعي عليها تدريبيها مع صاحبة محل خياطة ووافقت صاخبة المحل على الفكرة مجاناً وبدون مقابل ... بعد بضعة اشهر أصبحت انتصار متمكنة من مهنة الخياطة ... وعندما أرادت صاحبة المحل بيع محلها تقدمت انتصار بفكرة مشروع مدر للدخل هو شراء محل الخياطة الذي تدربت فيه ... وتم لها ما أرادت... تقول انتصار "يبلغ دخلي الشهري بحدود 70000 دينار عراقي في حين لم يكن لي مورد سابق..."، واستطاعت انتصار تطوير محلها وشراء ماكينات جديدة وهي على استعداد لتدريب أية معوقة ترغب في تعلم الخياطة.
ولأول مرة في العراق اصبح المعوقون قادرين على الالتحاق بمراكز التدريب المهني التابعة لوزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والصناعة المخصصة لغير المعوقين حيث وبالتنسيق مع مشروع التأهيل المجتمعي تم تعديل تعليمات القبول في هذه المراكز لقبول الأشخاص ذوي الإعاقات للتدريب جنباً لجنب مع الأشخاص غير المعوقين.
يعبر عن هذه التجربة السيد خالد إبراهيم المدرب في مركز التدريب المهني في وزارة الصناعة والذي درب تسعة معوقين مع غير المعوقين على مهنة لف المحركات "عندما طرح على عاملوا التأهيل المجتمعي فكرة تدريب مجموعة من الصم مع غير المعوقين اعتقدت انهم إما يتندرون أو مجانين إذ كيف لي أن أدرب أشخاصاً لا يسمعون ولا يتكلمون ورفضت الفكرة ولكن أمام إصرار عاملوا التأهيل المجتمعي وافقت شرط أن تكون على سبيل التجربة لمدة أسبوع وان يبقى معي أحد العاملين للترجمة ... خلال الأسبوع لم ألاحظ فروقاً جوهرية بين المتدربين الجدد (الصم) والمتدربين الاعتياديين خاصة في مجال القدرة على التدريب. الفرق الوحيد هو أسلوب التخاطب واستخدامهم للغة جديدة هي لغة الإشارة التي لم اكن اعرفها وأدركت في وقتها أن كل ما يجب علي فعله هو تكييف طريقة التدريب لتلائمهم خاصة وان التدريب العملي يعتمد أساساً على العرض والتقليد والكلام فيه قليل. قارنت نفسي بالمتدربين الصم عندما التحقت بدورة تدريبية في اليابان ولم اكن اعرف اليابانية كما لم يكن مدربي يعرف العربية ومع ذلك اجتزت مرحلة التدريب بنجاح وأصبحت ومدربي أصدقاء. بعد ثلاثة اشهر تخرج المتدربين بمستوى لا يقل عن الآخرين .. وحصلوا على فرص عمل مناسبة.
المعوقون العراقيون يساهمون في تنمية مجتمعاتهم
تجربة مشروع التأهيل المجتمعي في العراق
إعداد: غسان الصفار
مدير مشروع التأهيل المجتمعي في العراق
منظمة العمل الدولية
تقول المقولة العربية القديمة "عندما تنظر إلى كاس فيها ماء للنصف لا تقل كاس فارغة لنصفها بل قل كاس مملوءة لنصفها"، فالتعبير الأول يعبر عن تشاؤمك فيما يعبر الثاني عن نظرة متفائلة لنفس الحالة. ما بين التفاؤل والتشاؤم تتراوح النظرة إلى الإعاقة والمعوقين وتتباين الأساليب التي تعالج هذه الظاهرة.
ينطبق هذا على العراق مثلما ينطبق على أية دولة أخرى وعلى الأخص الدول النامية التي نقلت تجربة الدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانية فأنشئت المعاهد الخاصة بالمعوقين والتي ثبت عدم فاعليتها كونها تخلق مجتمعات منعزلة لا يعرف عنها المجتمع شيء. لهذا تبنت منظمة العمل الدولية أسلوباً جديداً واكثر فاعلية في إعادة تأهيل المعوقين هو أسلوب التأهيل المجتمعي Community - Based Rehabilitation الذي يعتمد على مساهمة المجتمع أفراداً ومؤسسات في إعادة تأهيل المعوقين والتي تجري ضمن المجتمعات المحلية. يطبق هذا الأسلوب في العراق من خلال مشروع التأهيل المجتمعي الذي تنفذه منظمة العمل الدولية - المكتب الإقليمي للدول العربية بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق ويموله البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق.
ابتدأ المشروع في علم 1995 حيث حددت أهدافه بالتعاون بين الأطراف الثلاثة وفي ضوء دراسة وضع المعوقين في العراق. يهدف المشروع إلى توسيع فرص التدريب المهني والتشغيل للأشخاص ذوي الإعاقات من خلال مشاركة أفراد المجتمع ومنظماته في عملية إعادة التأهيل وحيث إن أسلوب التأهيل المجتمعي يعتبر حديثاً تماماً في العراق في ذلك الوقت لذا عمل المشروع على تطوير معاهد التأهيل المهني للمعوقين القائمة في العراق وعددها خمسة معاهد مع محاولة توجيهها وجهة مجتمعية وذلك من خلال تطبيق برنامج جديد للتقييم المهني يعتمد مبدأ البحث عن القدرات المتبقية لدى الأشخاص ذوي الإعاقات (الكأس المملوءة لنصفها) خلافاً للأسلوب التقليدي المتمثل بتحديد نوع ودرجة الإعاقة وإجراء التقييم في المجتمع المحلي والمعاهد وبمشاركة أصحاب العمل والورش في القطاع الخاص.
كما تم تطوير البرامج التدريبية وإعادة تصميمها في ضوء الاحتياجات الفعلية من المهارات التي يحتاجها المجتمع لهذا طبق أسلوب ( التدريب بالوحدات التشغيلية MES ) والذي يتيح الفرصة للمتدربين لاختيار المهارات التي يحتاجها فعلاً وتزيد من فرص حصوله على العمل كما شارك أصحاب العمل والورش الخاصة في مراجعة مقررات المنهج واختيار المهارات المطلوبة فعلاً في السوق المحلي. ولغرض تطبيق برنامج فعال للتأهيل المجتمعي تم إنشاء ثلاث وحدات للتأهيل المجتمعي واحدة في كل من بغداد، البصرة، نينوي وهي المحافظات التي عمل فيها المشروع عند بدءه. نظم المشروع دورات تدريبية للكوادر العراقية في فلسفة التأهيل المجتمعي وإدارته ساهم فيها خبراء منظمة العمل الدولية وأتيحت الفرصة لعدد من المنسقين للتدريب خارج العراق.
الخطوة الأولى في تطبيق برنامج التأهيل المجتمعي كانت التوعية الإعلامية فالأسلوب يعتبر جديداً مما يتطلب تطوير اتجاهات أفراد المجتمع تجاه المساهمة في إعادة تأهيل المعوقين لهذا بدا المنسقون عملهم بتنظيم لقاءات مع المعوقين وعوائلهم، المختارين، المنظمات الغير حكومية كاتحاد النساء، اتحاد الشباب، مجالس الشعب، رجال الدين، وجوه المجتمع. تم تنظيم هذه اللقاءات في المقاهي، بيوت المختارين، الجوامع، الكنائس، المدارس والجامعات. وكان للأشخاص ذوي الإعاقات دوراً أساسياً في تنظيم هذه اللقاءات.
جواد جبار - شاب معوق يستخدم الكرسي المتحرك- عبر عن رأيه في هذه اللقاءات وقال "كنت أرى الدهشة على وجوه المشاركين في هذه الندوات إذ كان اغلبهم يعتقد إننا لا نستطيع عمل شيء وما علينا إلا انتظار حتفنا. لا زلت أتذكر شخصاً نهض من بين المشاركين وقال لي كيف تتوقع مساعدتنا ونحن فقراء نحتاج للمساعدة. أجبته صحيح نحن جميعاً فقراء إلا إننا أغنياء في نفس الوقت فنحن نملك النيات الحسنة والرغبات الصادقة في مساعدة أحدنا للآخر. وبمرور الوقت وبعد ان نجحنا في إدارة المشاريع الفردية التي ساعدنا مشروع التأهيل المجتمعي عل إنشاءها .. اصبح هذا الشخص من اكثر المتحمسين للتأهيل المجتمعي ومساعدة المعوقين لاتباث قدراتهم..."
بموازاة الحملة الإعلامية بدا المنسقون عملهم ضمن مجتمعاتهم المحلية وبمؤازرتهم لجميع المعلومات عن المعوقين في سن العمل وتثبيت قدراتهم ومهاراتهم واحتياجاتهم "تدريب مهني أم فرصة عمل أم مشروع فردي مدر للدخل". واصدر المشروع عدد من النشرات الموجهة للمعوقين وأصحاب العمل والمؤسسات الحكومية خاصة بحقوق المعوقين وقدراتهم مع استعراض لتجارب عربية ودولية في مجال التأهيل المجتمعي.
التدريب المهني المجتمعي
في مجال التدريب المهني للأشخاص ذوي الإعاقات طبق عاملوا التأهيل المجتمعي أسلوباً جديداً هو التدريب في المجتمع المحلي حيث تم تدريب عدد من المعوقين مع أصحاب العمل والورش ... وقد اثبت هذا التدريب فاعليته الكبيرة مقارنة مع الأسلوب التقليدي للتدريب الذي يعتمد في مراكز تدريبية إذ أن التدريب يجري في جو عمل حقيقي وعلى مهارات إنتاجية حقيقية ومن التجارب التي يمكن الإشارة إليها تجربة الشابة انتصار مجيد فقد تقدمت بطلب للتدريب في معهد التأهيل المهني للمعوقين في البصرة إلا أن بعد المعهد عن سكنها حال دون التحاقها بالمعهد. اقترح عاملوا التأهيل المجتمعي عليها تدريبيها مع صاحبة محل خياطة ووافقت صاخبة المحل على الفكرة مجاناً وبدون مقابل ... بعد بضعة اشهر أصبحت انتصار متمكنة من مهنة الخياطة ... وعندما أرادت صاحبة المحل بيع محلها تقدمت انتصار بفكرة مشروع مدر للدخل هو شراء محل الخياطة الذي تدربت فيه ... وتم لها ما أرادت... تقول انتصار "يبلغ دخلي الشهري بحدود 70000 دينار عراقي في حين لم يكن لي مورد سابق..."، واستطاعت انتصار تطوير محلها وشراء ماكينات جديدة وهي على استعداد لتدريب أية معوقة ترغب في تعلم الخياطة.
ولأول مرة في العراق اصبح المعوقون قادرين على الالتحاق بمراكز التدريب المهني التابعة لوزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والصناعة المخصصة لغير المعوقين حيث وبالتنسيق مع مشروع التأهيل المجتمعي تم تعديل تعليمات القبول في هذه المراكز لقبول الأشخاص ذوي الإعاقات للتدريب جنباً لجنب مع الأشخاص غير المعوقين.
يعبر عن هذه التجربة السيد خالد إبراهيم المدرب في مركز التدريب المهني في وزارة الصناعة والذي درب تسعة معوقين مع غير المعوقين على مهنة لف المحركات "عندما طرح على عاملوا التأهيل المجتمعي فكرة تدريب مجموعة من الصم مع غير المعوقين اعتقدت انهم إما يتندرون أو مجانين إذ كيف لي أن أدرب أشخاصاً لا يسمعون ولا يتكلمون ورفضت الفكرة ولكن أمام إصرار عاملوا التأهيل المجتمعي وافقت شرط أن تكون على سبيل التجربة لمدة أسبوع وان يبقى معي أحد العاملين للترجمة ... خلال الأسبوع لم ألاحظ فروقاً جوهرية بين المتدربين الجدد (الصم) والمتدربين الاعتياديين خاصة في مجال القدرة على التدريب. الفرق الوحيد هو أسلوب التخاطب واستخدامهم للغة جديدة هي لغة الإشارة التي لم اكن اعرفها وأدركت في وقتها أن كل ما يجب علي فعله هو تكييف طريقة التدريب لتلائمهم خاصة وان التدريب العملي يعتمد أساساً على العرض والتقليد والكلام فيه قليل. قارنت نفسي بالمتدربين الصم عندما التحقت بدورة تدريبية في اليابان ولم اكن اعرف اليابانية كما لم يكن مدربي يعرف العربية ومع ذلك اجتزت مرحلة التدريب بنجاح وأصبحت ومدربي أصدقاء. بعد ثلاثة اشهر تخرج المتدربين بمستوى لا يقل عن الآخرين .. وحصلوا على فرص عمل مناسبة.