المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أثر الحياة العصرية على العلاقات الاجتماعية



SHAIMMAA
12-30-2009, 04:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم




أثر الحياة العصرية على العلاقات الاجتماعية




http://www4.0zz0.com/2009/12/30/01/997724450.gif (http://www.0zz0.com)



كلّ مَن يُناقِش التطورات على الحياة الاجتماعية في مجتمَعاتنا لا بدّ له أنّ يتحدَّث عن تغيُّر في علاقاتنا الاجتماعية في مجتمَعاتنا العربية، وهذا أمر طبيعيّ ومُتوقَّع؛ لأنّ المُقارَنة هنا بين الحياة الاجتماعية اليوم مع ما كانت عليه قَبْل عُقُودٍ يومَ كانت الحياة أقلّ تعقيداً، والمدن والبلدات والقرى صغيرة، والأعمال والوظائف ذات سمات على غير ما هي عليه اليوم، ويومَ كانت وسائل الترفيه والتسلية أقلّ بكثير مما هي اليوم، بل إنّ التواصل الاجتماعيّ كان من وسائل الترفيه بعد يوم العمل الشاقّ.



فالمقارَنة من حيث المبدأ غير عادلة بين مراحل مَرّت منذ عُقُود والمراحل الحالية، لأنّ المقارنة تَفقِد موضوعيتها لاختلاف شَرْط المقارَنة، وهو التكافؤ في الظروف حتى وإن اختَلَفَت. فالزمن اليوم له شروط وظروف، والمدن الجديدة وأشكال العمل وتفرّع العائلات وعمليات التزاوج والصداقات والسفر والغربة وعوامل عديدة صَنَعتْ صورة تختلف عمّا سبق، لكن مع ذلك فإنّ آثاراً مِن صُنْعنا وتغيُّرات في قِيَمنا تَرَكَت بَصماتٍ واضحة على علاقاتنا الاجتماعية.



العلاقات الاجتماعية والمحدّد الأهمّ
قد أكون مُنحازاً كثيراً إلى تأثير المنطلقات ومنظومة القِيَم على كثير من السلوكيات التي ترسُم في المحصّلة علاقاتنا ومُعادَلات بناء المجتمَع، وهذا ما يدفعنا للقول: إنّ أوّل ما غيّرته الحياة العصرية هو منظومة القِيَم التي تحكُم علاقاتنا، وتَرَكَت بالتالي أثراً واضحاً على مكانة العلاقات الاجتماعية لدى الأفراد، فمكانة الجار والقريب وحتى أفراد العائلة وعلى رأسهم الأب والأمّ لم تَعُدْ كما كانت، والضمير الأخلاقيّ لدى بعضهم أصبح مَرضيّاً إذا تحدّث عبر الهاتف مع أمه أو أبيه كلّ أسبوع، دون أن يشعر أنّ الواجب هو الزيارة والتواصُل، حتى لو كانت الظروف لا تسمح بهذا، وتحت حُجَج الانشغال بالعمل وساعاته الطويلة بات التواصُل حتى مع أقرب الناس في نهاية الأسبوع عن طريق مكالمة عبر الهاتف إنْ تمّتْ، وهذا يعني أنّ مَن هُم أبعد لن يحصلوا حتى على اتصال هاتفيّ كلّ أسبوع أو شهر.
وخُطورة الأمر أنه لا يترك أثراً على علاقات الكبار فقط، بل يتوارثه الأبناء الذين ينشؤون ولا يعرف أحدهم أقاربه، ويرى زيارته إلى جده وجدته عبئاً أسبوعياً أو في المواسم يتحرّر منه تدريجياً كلّما كبر عمره، ويصير الأقارب أشخاصاً يحملون بالنسبة له الاسم ذاته، لكن دون أيّ عاطفة أو حتى مَصلحة، وشيئاً فشيئاً تتحوّل هذه العلاقات إلى ما يُشبِه التراث، لأنّ الجيل الجديد يبني شبكة علاقاته الجديدة مع أصدقاء وجيران، وهذا الجيل الجديد اليوم هو الآباء والأمهات غداً.
إنّها منظومة قِيَم لا يجوز أن نغفل تأثيرها، منظومة تغيَّرت ولم تَعُدْ تلك التي تُحرِّك الابن نحو والديْه، ولا الأخ نحو أخيه وأخته، ولا حتى الإنسان نحو قريته وبلده الأصليّ التي تمثِّل نوعاً من العلاقات الاجتماعية مع من تبقَّوْا فيها من أبناء العمومة وكل أشكال القرابة المتوسطة والبعيدة.





عوامل أخرى


وممّا يؤثِّر أيضاً في علاقاتنا الاجتماعية ظروف خارجة عن الإرادة أحياناً، وأحياناً أخرى ظروف يمكننا أن نقهرها، لكنّنا لا نبذل جهداً كافياً في هذا الاتجاه، ومنها ظروف العمل التي تصنع حول الإنسان أو تضع الإنسان في ماكينة لا تتوقف من الالتزامات، فالنهار كله في العمل، وما تبقى من اليوم للراحة وبعضه للعائلة، وتمرّ الأيام مثل بعضها لا تختلف في طريقة استهلاك ساعاتها، وأيام الإجازات هي للراحة الفردية أو لاقتناص نوع من العلاقة الاجتماعية، لكن بحساب، وكأنّها واجب ثقيل يسعى الإنسان إلى أدائه بأقلّ الخسائر.


وحتى الجار القريب لم تَعُدْ تربطك به علاقة، وخاصّة في عمارات مكتظة بالشقق والسكان أو بيوت غارقة في الاستقلال، والمبادرة تغيب في التواصُل، ولو فكّر أحدهم في تواصُلٍ ما فإنّه يخشى أن يوجب على نفسه التزاماً بعلاقة لن يجد لها وقتاً ولا حماسة لأداء واجباتها، وشيئاً فشيئاً أصبحت أشكال التواصُل إمّا عبر تحية باليد لا تتبعها حركة لسان أو تتبعها ولكن بنصف ما يجب من الحروف والكلمات، أمّا الأقارب فوسيلة التواصل هي الهاتف والاتصال كلّ أسبوع أو شهر، وأحياناً يصل الكسل إلى درجة أن أحدنا لا يريد أنّ يتحدث، فيلجأ إلى الرسائل القصيرة عبر الهاتف المحمول لكيْ لا يُرهِق نفسه بالكلام أو بانتظار الردّ عليها، لأنّ إرسالها إسقاط للفريضة وإرضاء للضمير المستتر.
ومن العوامل المؤثِّرة أيضاً، غياب مظلّة للعائلة الصغيرة تقوم بدور جمع الأبناء معاً كل فترة أو تمارس التحريض على التواصُل والاتصال، أو حتى تحافظ على مكانة العلاقات الاجتماعية لدى من تختطفه مشاغل الحياة وظروف العمل من أقل أنواع الواجبات.



ونتحدث هنا عن أب أو أمّ لهما تأثير على الأبناء يمارسان تحريضاً إيجابياً يقاوم الكسل ويمنع الاستسلام إلى الخروج من منظومة العلاقات الاجتماعية الضرورية والأساسية، فوجود هذه المظلّة الاجتماعية حتى وإنْ كانت مزعجة للأبناء والبنات إلا أنّها في المحصّلة تشكّل سدّاً قوياً أمام استنزاف العلاقات الاجتماعية والتواصل الأساسيّ.


وحتى خارج العائلة الصغيرة فإنّ العائلات الكبيرة أو حتى العشائر إذا امتلكت ديواناً أو مَضافة أو جمعية يمكن أن تمثِّل مرجعية مكانية وتحافظ على بعض العلاقات، وتُبقِي على التواصل داخل هذه المظلّة العائلية، وهذه تجارب موجودة في بعض المجتمَعات العربية وحقَّقت نوعاً من النجاح، وأبقت على نوع من الصلة بين الآباء وأبنائهم وعائلاتهم بأقل الأوقات وعبر استثمار المواسم والمناسبات الاجتماعية الكبرى.
ولعلّ من الأمور التي تساهم في التغلّب على آثار الحياة العصرية ممارسة استثمار القيم الدينية التي تحضّ على برّ الوالدين وصلة الرّحم وحق الجار وحقوق الآخَرين على الفرد، لأنّ هذه القيم الدينية الكريمة يمكن أن تدفع أحدنا إلى تجاوز الظروف التي تصنعها الحياة العصرية سعياً لرضا الله تعالى واستجابةً لما هو أهمّ من ضغوطات الحياة.



وكذلك يحتاج الأفراد إلى دور كبير تمارسه وسائل الإعلام في الحضّ والتشجيع على تماسُك المجتمَع، وعلى علاقة الفرد مع والديْه وأشقائه وأقاربه، فالإعلام الذي شَهِد نقلات كبرى من حيث التقنيات ووسائل التأثير يمكنه أن يساعدنا على مواجهة آثار الحياة العصرية ومشاغلنا على علاقاتنا الاجتماعية.





خاتمة


قد لا نستطيع أن نتغلّب على كلّ الآثار السلبية التي تركتها الحياة العصرية وما أنتجته من أشغال على حياتنا الاجتماعية، لكنّنا نستطيع أن نمارس نوعاً من المقاومة لهذه الآثار أو إنتاج حالة تكيُّف مع التغييرات الكبرى التي دخلت على حياتنا، وربما علينا التفكير في أشكال تواصُل جديدة تتناسب مع ظروف العمل وضغوطات الحياة والثقافة الجديدة في إدارة حياتنا، لأنّ كلّ مرحلة حياتية تفرض علينا التفكير بأدوات اجتماعية جديدة.




منقول



مع تحياتى

أمل أمة
12-30-2009, 09:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فعلا ما ذكر صحيح

شكرا اخت شيماء

عصام قاسم
12-30-2009, 11:00 AM
الأخت الكريمة شيماء ... جزاك الله خيراً على النقل المفيد و الهام ... تحياتي

محمود ناجي
01-17-2010, 12:06 AM
حقيقة ان الموضوع قد تلمس بعض الاسباب لكن تبقى هنالك اسباب لم يتلمسها الموضوع منها اننا غيرنا فهمنا الصحيح للإسلام بنهج من التعصب والعدائية للغير لا نهج الانفتاح واحتواء الغير
الاسلام كما افهمة هو التسامح هو العدالة هو المعاملة الكريمة للغير فالدين المعاملة

SHAIMMAA
02-02-2010, 07:18 AM
شكرا لكم اخوانى وأخواتى لمروركم الكريم