عبدالرحمن الدويرج
06-12-2009, 06:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عشرة أخطاء يضيّع بها المدربون جهودهم و مزاياهم
مانيزا أميني
كثيراً ما يرجع الجزء الأكبر من المسؤولية عن فشل التدريب و التعليم أو انخفاض قيمتهما إلى المدرّب نفسه. و مواد التعليم الرفيعة و التحضيرات الممتازة يمكن أن تفقد كثيراً من تأثيرها و التجربة التعليمية أو التدريبية تصبح تجربةً منقوصةً عاجزة بسبب عاداتٍ سلبية أو عللٍ لا يصعب على معظم المدربين اجتنابها. و في بعض الأحيان يمكن لأمثال هذه العلل المتروكة أن تشكّل عقباتٍ خطيرة في وجه الجهود المستقبلية لدى المدرّب و المتدرّب.
و في الكثير من المواقف ترى المدرّبين يكرّرون طقوس تدريبهم مطمئنّين إلى أنّهم يطبّقون وصفةً مثبتة النجاعة و مبرّرين أي استياء أو شكوى بمشكلةٍ أو ظرفٍ خاصٍ لدى الجمهور المتلقّي.
و لكن لا! إن أي مدرّب مهما كان متقناً لإعداد أساليبه و تنفيذها ينبغي أن يعلم أن عدم الانتباه أو ضعف الاهتمام بهذه العلل أو العادات السلبيّة سوف يشوّه و يؤذي ما لديه من المزايا التي تقوم عليها أفضليته النسبية في التدريب. و كذلك ربما يتحوّل تجاهل تصحيح هذه الأخطاء و العلل إلى خصلةً مدمرة و عادة متأصّلة.
10- إذا ابتعدت بصوتك خطوة ابتعد المتدربون بإصغائهم عشراً
مشكلة عدم وصول صوت المدرّب بوضوح إلى كلّ المتدربين من أسهل مشكلات التدريب معالجةً و من أكثرها تكراراً و تأثيراً أيضاً. عندما يصعب على جزءٍ من الحضور سماعك فليس بينهم و بين الإعراض عمّا تقوله سوى لحظات. و بطبيعتهم ترى الطلّاب و المتدرّبين لا ينطلقون براحتهم إلى تنبيه المحاضر أو المدرب كي يرفع صوته أو يصلح المايكروفون.
و إن كنت محظوظاً و وجدت في قاعة تدريبك طالباً يقاطعك و يطلب منك رفع صوتك فعليك ألاّ تستبعد من ذهنك أنّ حادثةً كهذه يمكن أن تخدش اعتماديّتك لدى الحاضرين كمدرّب محترف يفترضُ أنّه مستعدٌ و متأكّد من عدم وقوعه في مشكلةٍ كهذه.
و الأسوء من أن ينقطع السماع ثمّ ينبّهك أحد الحاضرين فتعالج المسألة هو أن تنزلق بعد التصحيح ثانيةً إلى الصوت الخافت! في هذه الحالة تأكّد أنّك لن تجدَ أحداً يبالي بتنبيهك أو بمحاولة الإصغاء إليك.
لا نقصد من كلامنا هنا مطالبة المدرّبين الأعزاء بإرهاق حناجرهم و المخاطرة بتوتير الأجواء في قاعة التدريب و إنّما ننبّه إلى أهمية أن يتحقق المدرب من توفر كل ما يلزم من وسائل نجاح المتدرّبين في التلقّي.
لا يمكن لأي مدرب محترف أن يضطر المتدربين إلى تذكيره برفع صوته. إن حدث هذا مرةً فلكل جواد كبوة و إن حدث اثنتين فعلى نفسها و متدربيها تجني براقش.
إذا شككت في سماع صوتك فلا تتأخر في سؤال الجالسين في المقاعد الخلفية عن ارتياحهم لمستوى الصوت و وضوحه. إن هذا السؤال و الاطمئنان رسالةٌ إيجابية توصّل اهتمامك باستفادة الناس و توصّل احترافيّتك و انتباهك الدقيق و حرصك على حضور كل عناصر النجاح في تدريبك.
9- لا تفتتح بتوقّع السوء... فذلك ما يجعله واقعاً و إن لم يقع:
بعض المتدربين يقفون أمام جمهورهم و ثقتهم مهتزّة و يفتتحون الجلسة بقائمةٍ من الأعذار التي ينبغي على الحاضرين تذكّرها إن رأوا تقصيراً أو خللاً. إن بدأت جلسة التدريب بالقول: "معذرةً يا سادة! فأنا لم يتح لي الوقت الكافي لتحضير مواد الدرس..."
أو بالقول: "لسوء الحظ فإنني لست متمكّناً التمكّن المطلوب في هذا القسم بالذات من موضوعنا و لكن..."
أو بالقول "ماذا نقول أيها السادة! إنني لست واضع هذا المقرر التدريبي و إذاً لا تستغربوا أن نواجه معاً بعض المصاعب التي أرجو ان نتغلّب عليها بفضل..."
إنّ أيّ كلام يشبه الخطابات السابقة لا يعني سوى أنّك تستميح العذر لكونك مدرباً رديئاً أو مقصّراً.
لا تقدّم لتدريبك بتبرير تقصيرك المتوقّع. إنّ هذا التقديم لا يعود عليك بشيئ سوى زعزعة اعتماديتك، و إعداد نفسك و الحاضرين للفشل قبل أن تبدأ بأي خطوة.
أن تكون متردّداً أو وجلاً ليس بالكارثة، و السؤال المهمّ هو هل أنت متمكّن؟ إن كنت مدرّباً متمكّناً فإنني متأكّدة من إدارتك للجلسة إدارة ناجحة بالرغم من كل المخاوف و المشكلات.
إن كنت مدرباً متمكّنا و كنت تواجه قيوداً أو عراقيل من جانب طريقة المنهاج المقرر أو من جانب ضيق الوقت فلا بدّ من أن تكون قادراً على تعديل أسلوبك وفقها، و إن كانت المشكلة ضعف المنهاج المقرر فإنّ مسؤوليتك تقتضي الاطلاع عليه قبل تنفيذ التدريب بوقت كاف و تحضير الإصلاحات و الإضافات الملائمة لتعزيز جدوى جلسة التدريب.
إن جعلك راضياً و مرتاحاً إلى الظروف المحيطة بتدريبك ليس مسؤولية طلّابك، إنّه مسؤوليتك أنت. لا تترك هذه المسؤولية لأي أحد، قم بها كما ينبغي، ابذل كل ما بوسعك، و إن لم تسر الأمور سيراً مثالياً و لكنك كنت تجتهد و تتقن استخدام كلّ ما بيدك استخدامه فإنّ ذلك يسجّل لك شهادة تزكيةٍ مدوّية.
في الواقع، نادراً ما تجمع الاستطلاعات بين المدرّب و المتدرّبين، و لكن لا تخف! فالناس أذكياء و عندما يدلون بآرائهم و انطباعاتهم عن المدرب المجيد لعمله فإنّهم يأخذون في الاعتبار العوامل الخارجة عن سيطرته.
8- لا تتخلّ عن سيادتك لقاعة التدريب
لا شيء أدعى للاستياء من مدرب يفقد السيطرة على غرفة صفّه. أو يفتقر للحضور الماديّ الكافي لتوجيه عملية التدريب الوجهة الصحيحة. إن المدربين الذين يتركون لأحد الطلاب أو مجموعةٍ منهم الاستيلاء على غرفة الصف بسبب خوفهم من اتخاذ مظهر القسوة أو الجفاء –أو الأدهى من ذلك بسبب إذعانهم و عدم مقدرتهم على الاعتراض و التصحيح- سريعاً ما يفقدون احترام مستمعيهم. لقد حضر هؤلاء المتدرّبون للإصغاء إليك أنت و ليس لمتدرّب يفرض نفسه عليك و عليهم.
إنّك أنت المسؤول عن غرفة الصف أو قاعة التدريب و إذاً لا تتنازل عن الحق الممنوح لك لاستدعاء المشاركات القيمة و توسيعها و الثناء عليها بالإضافة إلى الملاحظة الدقيقة للمشاركات الإستيلائية و إلزامها حدودها. يمكنك أن تقوم بالكثير في هذا الصدد. فيمكنك مثلاً أن تستولي على مشاركة من يفكر في الاستيلاء على غرفة الصف و تستخدمها لصالح الجميع، أو يمكنك تأجيل الموضوع المثار و عرض تقديم خدماتك و استشاراتك خارج جلسة التدريب الجارية متخفّفاً بلك من ضغوط المواجهة الفوريّة. و يمكنك أيضاً أن تطلب من بعض الحاضرين أن يجلسوا حيث ترى جلوسهم أفضل، و ذلك كطريقة مهذبة لإنهاء النقاشات الجانبية المشتّتة، و لوضع نفسك في الجانب الصحيح من الجدار الخفيّ في مقدمة القاعة الفارق بين الطالب و الأستاذ.
ما لم تكن تريد ترك طلّابك ينصرفون إلى الثرثرة أو تصفّح الإنترنت أو مفارقة قاعة التدريب بعقولهم فإنه يجب عليك إبراز الحدود و الضوابط الثابتة حيثما يرغب أحدهم في اختبار وجودها و متانتها.
و بالتأكيد لا يعني كلامنا السابق أنّ لدى المدرب تفويضاً مطلقاً بإغراق القاعة بما شاء من صنوف القمع و التخويف. إن السلطة لا تأتي من بضعة حروف تعظيمية ملحقة باسمك، و لا تأتي من جبينٍ مقطب و لا من نبرة صارمة مخوّفة. و بالرغم من أنّ درجتك العلمية قد تكون هي التي أوصلتك إلى قاعة التدريب فإنّ مقدرتك و طريقتك في الاحتفاظ بهدوء قاعة التدريب و نظامها تبقى هي التي تكسبك الاحترام المتنامي.
إذا لم تكن أنت البؤرة الجامعة للاهتمام و المصدرة للنظام فإن صفّك سينهار و يتشتّت. و إن كنت لا ترتاح إلى مواجهة الأنشطة السلبية بالتصحيح الفوري عندما تقع فيمكنك أن تبيّن مقدّماً ما تتقبّله في غرفة صفّك و ما لا تتقبّله و بهذه الطريقة لا يبقى أحدٌ من الحاضرين عرضة لصدٍ مفاجئ و لا تضطر أنت إلى التحفّز الدائم لمواجهة المخالفين. و هكذا تمنع المشاكل المحتملة في مهدها.
7- أنت من تقود مواد التدريب و ليس هي التي تقودك:
كثيراً ما يقع المدربون الحريصون في مصيدة إعداد مواد بالغة الإتقان و الشمول إلى درجةٍ تجعلهم معتمدين عليها اعتماداً مطلقاً في مخاطبة متدرّبيهم.
لقد رأيت مدرّبين يعدّون شرائح عروضٍ تقديمية خارقة تغطي الموضوع تغطية شاملة بحيث يضمن المدرب المستخدم لهذه الشرائح في قيادة جلسة التدريب أنّه استقصى كل المداخل الممكنة. و تساءلت: ماذا يبقى من دور للمدرّب إن كانت مواد التدريب تقدّم كلّ شيئ؟
أجل ينبغي على المدرّب أن يتأكد من أن حضوره في قاعة التدريب له قيمة كبيرة.
لا تصبّ كل ما في رأسك من أفكار في شرائح "البوربوينت" إن فعل ذلك يسيئ إلى عرضك التقديمي أكثر ممّا ينفعه.
إذا كانت شرائح البوربوينت التي أعددتها مبالغةً في الاستقصاء فإنّ دورك في قاعة التدريب سيصبح قراءة هذه الشرائح بينما يتابعها المتدرّبون أو الطلاب بعيونهم. ستصبح مقدّماً بدلاً من معلّم.
نعم يجب أن تكون شرائك متقنة الإعداد و لكن يجب أيضاً أن تكون مرنة.
و انتبه أيضاً إلى أنّك إذا أكثرت من النقاط في شرائحك إكثاراً يضيق عنه الوقت المخصّص فإنّ المتدرّبين قد يظنّون أنّك نسيت شرح بعض النقاط عندمتا تضطر إلى التجاوز مراعاةً للوقت.
و ما لم تكن مقدّما خارق البراعة في جذب الناس ثريّ الذخيرة، أو ما لم تكن صيغة التدريب تتطلب استحثاث المشاركات عن طريق المواد المطبوعة المقدّمة للحاضرين، ينبغي عليك تأجيل تقديم المواد المطبوعة إلى نهاية الجلسة. إن تسرّعت في تقديم المادة المطبوعة فإن الحاضرين سيبدؤون بالقراءة فوراً و يستخدمون ما يقرؤونه في الحكم بسرعة على جدارة ما تقوله بالانتباه. و هنا أيضاً تجدُ أن الشمولية و الاستقصاء المفرطين في المادة المطبوعة – كما في شرائح البوربوينت- تقلّل من أهمية الإصغاء لكلامك.
عزيزي القارئ: لن نثقل عليك باستقصاء الأخطاء العشرة في مقالة واحدة، في العدد القادم نتابع استعراض هذه الهفوات الصغيرة والمؤثّرة.
مجلة عالم الإبداع
العـــدد الثامن والستـون
يتبع
عشرة أخطاء يضيّع بها المدربون جهودهم و مزاياهم
مانيزا أميني
كثيراً ما يرجع الجزء الأكبر من المسؤولية عن فشل التدريب و التعليم أو انخفاض قيمتهما إلى المدرّب نفسه. و مواد التعليم الرفيعة و التحضيرات الممتازة يمكن أن تفقد كثيراً من تأثيرها و التجربة التعليمية أو التدريبية تصبح تجربةً منقوصةً عاجزة بسبب عاداتٍ سلبية أو عللٍ لا يصعب على معظم المدربين اجتنابها. و في بعض الأحيان يمكن لأمثال هذه العلل المتروكة أن تشكّل عقباتٍ خطيرة في وجه الجهود المستقبلية لدى المدرّب و المتدرّب.
و في الكثير من المواقف ترى المدرّبين يكرّرون طقوس تدريبهم مطمئنّين إلى أنّهم يطبّقون وصفةً مثبتة النجاعة و مبرّرين أي استياء أو شكوى بمشكلةٍ أو ظرفٍ خاصٍ لدى الجمهور المتلقّي.
و لكن لا! إن أي مدرّب مهما كان متقناً لإعداد أساليبه و تنفيذها ينبغي أن يعلم أن عدم الانتباه أو ضعف الاهتمام بهذه العلل أو العادات السلبيّة سوف يشوّه و يؤذي ما لديه من المزايا التي تقوم عليها أفضليته النسبية في التدريب. و كذلك ربما يتحوّل تجاهل تصحيح هذه الأخطاء و العلل إلى خصلةً مدمرة و عادة متأصّلة.
10- إذا ابتعدت بصوتك خطوة ابتعد المتدربون بإصغائهم عشراً
مشكلة عدم وصول صوت المدرّب بوضوح إلى كلّ المتدربين من أسهل مشكلات التدريب معالجةً و من أكثرها تكراراً و تأثيراً أيضاً. عندما يصعب على جزءٍ من الحضور سماعك فليس بينهم و بين الإعراض عمّا تقوله سوى لحظات. و بطبيعتهم ترى الطلّاب و المتدرّبين لا ينطلقون براحتهم إلى تنبيه المحاضر أو المدرب كي يرفع صوته أو يصلح المايكروفون.
و إن كنت محظوظاً و وجدت في قاعة تدريبك طالباً يقاطعك و يطلب منك رفع صوتك فعليك ألاّ تستبعد من ذهنك أنّ حادثةً كهذه يمكن أن تخدش اعتماديّتك لدى الحاضرين كمدرّب محترف يفترضُ أنّه مستعدٌ و متأكّد من عدم وقوعه في مشكلةٍ كهذه.
و الأسوء من أن ينقطع السماع ثمّ ينبّهك أحد الحاضرين فتعالج المسألة هو أن تنزلق بعد التصحيح ثانيةً إلى الصوت الخافت! في هذه الحالة تأكّد أنّك لن تجدَ أحداً يبالي بتنبيهك أو بمحاولة الإصغاء إليك.
لا نقصد من كلامنا هنا مطالبة المدرّبين الأعزاء بإرهاق حناجرهم و المخاطرة بتوتير الأجواء في قاعة التدريب و إنّما ننبّه إلى أهمية أن يتحقق المدرب من توفر كل ما يلزم من وسائل نجاح المتدرّبين في التلقّي.
لا يمكن لأي مدرب محترف أن يضطر المتدربين إلى تذكيره برفع صوته. إن حدث هذا مرةً فلكل جواد كبوة و إن حدث اثنتين فعلى نفسها و متدربيها تجني براقش.
إذا شككت في سماع صوتك فلا تتأخر في سؤال الجالسين في المقاعد الخلفية عن ارتياحهم لمستوى الصوت و وضوحه. إن هذا السؤال و الاطمئنان رسالةٌ إيجابية توصّل اهتمامك باستفادة الناس و توصّل احترافيّتك و انتباهك الدقيق و حرصك على حضور كل عناصر النجاح في تدريبك.
9- لا تفتتح بتوقّع السوء... فذلك ما يجعله واقعاً و إن لم يقع:
بعض المتدربين يقفون أمام جمهورهم و ثقتهم مهتزّة و يفتتحون الجلسة بقائمةٍ من الأعذار التي ينبغي على الحاضرين تذكّرها إن رأوا تقصيراً أو خللاً. إن بدأت جلسة التدريب بالقول: "معذرةً يا سادة! فأنا لم يتح لي الوقت الكافي لتحضير مواد الدرس..."
أو بالقول: "لسوء الحظ فإنني لست متمكّناً التمكّن المطلوب في هذا القسم بالذات من موضوعنا و لكن..."
أو بالقول "ماذا نقول أيها السادة! إنني لست واضع هذا المقرر التدريبي و إذاً لا تستغربوا أن نواجه معاً بعض المصاعب التي أرجو ان نتغلّب عليها بفضل..."
إنّ أيّ كلام يشبه الخطابات السابقة لا يعني سوى أنّك تستميح العذر لكونك مدرباً رديئاً أو مقصّراً.
لا تقدّم لتدريبك بتبرير تقصيرك المتوقّع. إنّ هذا التقديم لا يعود عليك بشيئ سوى زعزعة اعتماديتك، و إعداد نفسك و الحاضرين للفشل قبل أن تبدأ بأي خطوة.
أن تكون متردّداً أو وجلاً ليس بالكارثة، و السؤال المهمّ هو هل أنت متمكّن؟ إن كنت مدرّباً متمكّناً فإنني متأكّدة من إدارتك للجلسة إدارة ناجحة بالرغم من كل المخاوف و المشكلات.
إن كنت مدرباً متمكّنا و كنت تواجه قيوداً أو عراقيل من جانب طريقة المنهاج المقرر أو من جانب ضيق الوقت فلا بدّ من أن تكون قادراً على تعديل أسلوبك وفقها، و إن كانت المشكلة ضعف المنهاج المقرر فإنّ مسؤوليتك تقتضي الاطلاع عليه قبل تنفيذ التدريب بوقت كاف و تحضير الإصلاحات و الإضافات الملائمة لتعزيز جدوى جلسة التدريب.
إن جعلك راضياً و مرتاحاً إلى الظروف المحيطة بتدريبك ليس مسؤولية طلّابك، إنّه مسؤوليتك أنت. لا تترك هذه المسؤولية لأي أحد، قم بها كما ينبغي، ابذل كل ما بوسعك، و إن لم تسر الأمور سيراً مثالياً و لكنك كنت تجتهد و تتقن استخدام كلّ ما بيدك استخدامه فإنّ ذلك يسجّل لك شهادة تزكيةٍ مدوّية.
في الواقع، نادراً ما تجمع الاستطلاعات بين المدرّب و المتدرّبين، و لكن لا تخف! فالناس أذكياء و عندما يدلون بآرائهم و انطباعاتهم عن المدرب المجيد لعمله فإنّهم يأخذون في الاعتبار العوامل الخارجة عن سيطرته.
8- لا تتخلّ عن سيادتك لقاعة التدريب
لا شيء أدعى للاستياء من مدرب يفقد السيطرة على غرفة صفّه. أو يفتقر للحضور الماديّ الكافي لتوجيه عملية التدريب الوجهة الصحيحة. إن المدربين الذين يتركون لأحد الطلاب أو مجموعةٍ منهم الاستيلاء على غرفة الصف بسبب خوفهم من اتخاذ مظهر القسوة أو الجفاء –أو الأدهى من ذلك بسبب إذعانهم و عدم مقدرتهم على الاعتراض و التصحيح- سريعاً ما يفقدون احترام مستمعيهم. لقد حضر هؤلاء المتدرّبون للإصغاء إليك أنت و ليس لمتدرّب يفرض نفسه عليك و عليهم.
إنّك أنت المسؤول عن غرفة الصف أو قاعة التدريب و إذاً لا تتنازل عن الحق الممنوح لك لاستدعاء المشاركات القيمة و توسيعها و الثناء عليها بالإضافة إلى الملاحظة الدقيقة للمشاركات الإستيلائية و إلزامها حدودها. يمكنك أن تقوم بالكثير في هذا الصدد. فيمكنك مثلاً أن تستولي على مشاركة من يفكر في الاستيلاء على غرفة الصف و تستخدمها لصالح الجميع، أو يمكنك تأجيل الموضوع المثار و عرض تقديم خدماتك و استشاراتك خارج جلسة التدريب الجارية متخفّفاً بلك من ضغوط المواجهة الفوريّة. و يمكنك أيضاً أن تطلب من بعض الحاضرين أن يجلسوا حيث ترى جلوسهم أفضل، و ذلك كطريقة مهذبة لإنهاء النقاشات الجانبية المشتّتة، و لوضع نفسك في الجانب الصحيح من الجدار الخفيّ في مقدمة القاعة الفارق بين الطالب و الأستاذ.
ما لم تكن تريد ترك طلّابك ينصرفون إلى الثرثرة أو تصفّح الإنترنت أو مفارقة قاعة التدريب بعقولهم فإنه يجب عليك إبراز الحدود و الضوابط الثابتة حيثما يرغب أحدهم في اختبار وجودها و متانتها.
و بالتأكيد لا يعني كلامنا السابق أنّ لدى المدرب تفويضاً مطلقاً بإغراق القاعة بما شاء من صنوف القمع و التخويف. إن السلطة لا تأتي من بضعة حروف تعظيمية ملحقة باسمك، و لا تأتي من جبينٍ مقطب و لا من نبرة صارمة مخوّفة. و بالرغم من أنّ درجتك العلمية قد تكون هي التي أوصلتك إلى قاعة التدريب فإنّ مقدرتك و طريقتك في الاحتفاظ بهدوء قاعة التدريب و نظامها تبقى هي التي تكسبك الاحترام المتنامي.
إذا لم تكن أنت البؤرة الجامعة للاهتمام و المصدرة للنظام فإن صفّك سينهار و يتشتّت. و إن كنت لا ترتاح إلى مواجهة الأنشطة السلبية بالتصحيح الفوري عندما تقع فيمكنك أن تبيّن مقدّماً ما تتقبّله في غرفة صفّك و ما لا تتقبّله و بهذه الطريقة لا يبقى أحدٌ من الحاضرين عرضة لصدٍ مفاجئ و لا تضطر أنت إلى التحفّز الدائم لمواجهة المخالفين. و هكذا تمنع المشاكل المحتملة في مهدها.
7- أنت من تقود مواد التدريب و ليس هي التي تقودك:
كثيراً ما يقع المدربون الحريصون في مصيدة إعداد مواد بالغة الإتقان و الشمول إلى درجةٍ تجعلهم معتمدين عليها اعتماداً مطلقاً في مخاطبة متدرّبيهم.
لقد رأيت مدرّبين يعدّون شرائح عروضٍ تقديمية خارقة تغطي الموضوع تغطية شاملة بحيث يضمن المدرب المستخدم لهذه الشرائح في قيادة جلسة التدريب أنّه استقصى كل المداخل الممكنة. و تساءلت: ماذا يبقى من دور للمدرّب إن كانت مواد التدريب تقدّم كلّ شيئ؟
أجل ينبغي على المدرّب أن يتأكد من أن حضوره في قاعة التدريب له قيمة كبيرة.
لا تصبّ كل ما في رأسك من أفكار في شرائح "البوربوينت" إن فعل ذلك يسيئ إلى عرضك التقديمي أكثر ممّا ينفعه.
إذا كانت شرائح البوربوينت التي أعددتها مبالغةً في الاستقصاء فإنّ دورك في قاعة التدريب سيصبح قراءة هذه الشرائح بينما يتابعها المتدرّبون أو الطلاب بعيونهم. ستصبح مقدّماً بدلاً من معلّم.
نعم يجب أن تكون شرائك متقنة الإعداد و لكن يجب أيضاً أن تكون مرنة.
و انتبه أيضاً إلى أنّك إذا أكثرت من النقاط في شرائحك إكثاراً يضيق عنه الوقت المخصّص فإنّ المتدرّبين قد يظنّون أنّك نسيت شرح بعض النقاط عندمتا تضطر إلى التجاوز مراعاةً للوقت.
و ما لم تكن مقدّما خارق البراعة في جذب الناس ثريّ الذخيرة، أو ما لم تكن صيغة التدريب تتطلب استحثاث المشاركات عن طريق المواد المطبوعة المقدّمة للحاضرين، ينبغي عليك تأجيل تقديم المواد المطبوعة إلى نهاية الجلسة. إن تسرّعت في تقديم المادة المطبوعة فإن الحاضرين سيبدؤون بالقراءة فوراً و يستخدمون ما يقرؤونه في الحكم بسرعة على جدارة ما تقوله بالانتباه. و هنا أيضاً تجدُ أن الشمولية و الاستقصاء المفرطين في المادة المطبوعة – كما في شرائح البوربوينت- تقلّل من أهمية الإصغاء لكلامك.
عزيزي القارئ: لن نثقل عليك باستقصاء الأخطاء العشرة في مقالة واحدة، في العدد القادم نتابع استعراض هذه الهفوات الصغيرة والمؤثّرة.
مجلة عالم الإبداع
العـــدد الثامن والستـون
يتبع