المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سباق الهجن والتميز المؤسسي



عبدالله القايدي
06-04-2009, 07:39 PM
منذ أن وعيت بأهمية التعلم في هذه الحياة وأنا أكتب في (كراسة) أسميتها كتاب حياتي وهو دفتر ملاحظاتي، أضع فيه كل ما يمر علي من عبارات جميلة وحكم وأمثال قرأتها أو سمعتها، وما تعلمته بنفسي من تجاربي أو قصص اطلعت عليها و قرأتها أو سمعتها أو تلخيص لبعض الدورات والمحاضرات التي حضرتها، وماذا علمتني الحياة خلال هذه السنين وطول هذا العمر، وعندما أشعر بأني أحتاج أن أشحن طاقتي أجلس في مكتبي وأقرأ ما كتبته في كتاب حياتي، ومن ثم أعود بذكرياتي إلى السنين الماضية وأعقد مقارنة بين ما تعلمته في الماضي وما اكتشفته في الحاضر.

ومما قرأته في كتاب حياتي،قصة كنت قد اطلعت عليها وهي عن مجموعة من اللاجئين قرروا الفرار من إحدى مناطق الحرب، وذلك بعبور إحدى البقاع شديدة الوعورةفي بلادهم، وبينما كان هؤلاء اللاجئون على وشك الرحيل اقترب منهم رجل عجوز ضعيف البنيةوامرأة مريضه تحمل بين يديها طفل، وطلبوا منهم الرحيل معهم، وافق اللاجئون أن يصطحبوا معهم الرجل والمرأة، بشرط أن يتحملا مسؤولية السير بنفسيهما، أما الطفل الصغير فاللاجئونسيتبادلون حمله. .

بعد مرور عدة أيام من الرحلة وقع الرجل العجوز على الأرض، وذلكأن التعب قد بلغ به مبلغه ولم يستطع أن يواصل السير وقد توسل إلى قادة اللاجئين، أن يتركوه يموت ويرحلوا عنه وينجوا بأنفسهم.

وفي مواجهة الحقيقة القاسية للموقف قررقادة المجموعة أن يتركوا الرجل العجوز يموت ويكملوا مسيرهم، وفجأة وضعت الأم طفلــــها بين يـــــدي الرجــل العجوز، وقالت له إن دورك قد حان لحمل الطفل ثم لحقت بالمجموعة، ولم تنظر إلى الخلف، و بعد مرور بعض الوقت نظرت فرأت الرجل العجوز يهرول مسرعاً للحاق بالمجموعة والطفل بين يديه!!!



تعلمت من هذه القصة، بأنه عندما يضع الشخص منا هدف جديد له في حياته تتفجر في داخله طاقة قوية من النشاط والعزيمة كأنها مفاعل نووي، وتصبح لديه القوة والشجاعة لتحقيق المستحيل.

رغم أن هذه الهمة والقوة لم تكن موجودة من قبل عند هذا الرجل العجوز، الذين بلغ به التعب مبلغه وأصبح يعاني من فتور الهمة والخوف من مواصلة المسير وغالباً ما كان يعاني من نقص في الحافز أو انعدامه، وهذا إما أنه قد زاغ بصره عن هدفه وإما أنه في حاجة إلى وضع أهداف جديدة على كتفيه ليجدد الحماسة للانطلاق.

نعم ، كلنا نحتاج أن نضع أهداف جديدة على المستوى الشخصي وحتى على مستوى مؤسسات الأعمال، إذا كنا نرغب في التميز ونطلب الرياده والتقدم في أعمالنا.



وقد استمتعت الأسبوع الماضي بحضور ندوة عن التميز المؤسسي الأوروبي في إمارة الشارقة، من تنظيم دائرة التنمية الاقتصادية بنادي الصيد والفروسية بالشارقة، وكانت من تقديم الدكتور/عبد الرحيم أحمد جلاد (خبير ومستشار التميز المؤسسي والمدير التنفيذي لشركة خبراء التميز) ، وقد تناول المحاضر مفهوم التميز المؤسسي الأوروبي وشرح مبادئ التميز، ودور جوائز وبرامج التميز في تطوير الأداء المؤسسي الحكومي، وقدم معايير ومنهجيات التقييم الخارجي والداخلي والنتائج المترتبة والتي يستخدم فيها منطق الرادار .

وقد شرح بعض برامج التميز في الدولة وخاصة برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز والذي تم إطلاقه منذ عشر سنوات، وبرنامج خليفة للتميز في القطاع الحكومي للمؤسسات الاتحادية، وبرنامج صقر للأداء الحكومي المتميز في رأس الخيمة، وبرنامج أبوظبي للأداء الحكومي المتميز، وبرنامج عجمان للأداء الحكومي المتميز، و كان البعض يتساءل أين هو برنامج الشارقة للأداء الحكومي المتميز (والجميع كان يتمنى أن لا تكون إمارة الشارقة هي الأخيرة أو قبل الأخيرة في إطلاق هذه المبادرة المتميزة على مستوى الدولة).

(نعم لم يمض الوقت بعد في إطلاق المبادرات المتميز في العمل المؤسسي على مستوى إمارة الثقافة والعلم، لذلك يجب أن توضع أحمال وأهداف جديدة على أكتاف المسئولين والقيادات في الدوائر المحلية بالحكومة لتكون الانطلاقة متميزة)، ومثل ما يقال في الأمثال (هذا الميدان يا حميدان).



وقد قرأت في كتاب حياتي،، عن معلومات كان جدي (رحمة الله عليه) يقولها لنا عندما كان يحدثنا عن (بوش الركض) (الجمال) فقد كان من أشهر مربي الجمال في المنطقة بتلك الفترة، وقد حفر بئر في السنين الماضية عرفت باسم (طوي سيف مصبح القايدي) بمنطقة الساف، وكانت البئر سبيل لسقي الجمال والماشية ومحطة للرحالة والمسافرين، وقد ورث أبي حبه الشديد لتربية (البوش) من أبيه، وكان يشارك في سباقات الهجن (ركض البوش) مع ملاك ومضمري الهجن الأصايل، في ميدان الوثبه العريق في العاصمة أبوظبي، وميدان المرموم بدبي، وميدان رأس الخيمة، وميدان الذيد في الشارقة، وكان يحرز نتائج متقدمه أحياناً.



كان حديث (جدي) ممتع وشيق عن (الرجاب) الجمال وأنواعها وصفاتها وذلك أنا كنا صغار في تلك الفترة، وكانت تشدنا القصص والمواقف، ومما أذكره أنه كان يخبرنا عن عادات وطباع (لمضمري لرجاب) وهم مربي الجمال، فقد كان من طباعهم التفاؤل بفوز الناقة أو البعير في (المركاض) ميدان السباق، بما يسمى (التحفيز)، وكان كل واحد منهم يضع شارة أو علامة لفوزه (بدهن الزعفران على جبهة الهجن الفائزة) ويستعرض فوزه على المنصة وذلك ليخبر زملاءه بأنه هو الفائز، وذلك مما يزيد التنافس والحماسة بينهم، وقد كان تصنيف (بوش الهجن) الفائزة على مقدار الجوائز التي تحصل عليها، من سيارات أو مراكز متقدمة.



نعم، كان (لبوش الركض) في ميادين السباق الجوائز القيمة والتي تمنح وتكرم بها، ألا تستحق مؤسساتنا ودوائرنا بأن نضع بيئة تنافسية فيما بينها ، بما يعرف (ببرامج التميز المؤسسي) وذلك لرفع مستويات الإنتاجية والتنافس في الأداء بين الدوائر.



وقد كانت هناك أنواع من الجمال في المنطقة وكان جدي يملك عدداً منها، وقد أطلق عليها اسم (البوش القرميات) وهي التي كانت ترعى (تأكل) من ثمار شجر القرم (المنجروف) من منطقة القرم، وقد كان مذاق طعم (لبنها) مختلف نوعاً ما (ملحي) وله رائحة (لاختلاف المرعى)، ولبدوي يطلق على حليب الناقة اسم (لبن)، وذلك مما تعارف عليه البدو، وأطيب أنواع اللبن (لبن الناقة العزوف) ، وأهلنا في السابق كانوا أهل جد واجتهاد والكلمة الصريحة بينهم.

ويقال بأن (لبن النوق) يدخل ولا يُدخل عليه، يعني أنه يغني عن غيره من الأغذية، ويتباين مذاق وجودة لبن الناقة بين الحلو إلى الحاد والمالح، وذلك لاختلاف المرعى.

وجدت هذه الناقة من يصنف لبنها بين الممتاز والجيد والضعيف، ولكن مؤسستانا الحكومية هل ستجد برنامج للتميز المؤسسي ليصنف جودة الأداء ودرجة التميز والنشاط والإنتاجية بها، وبأنها تستطيع تحقيق معايير ومتطلبات برنامج التميز المؤسسي الأوربي، والذي يطلب تحقيق درجات تتجاوز (500 درجة) من (1000 درجة) ، مع العلم بأن أعلى معدل محقق عالمياً وصل (776 درجة) في فرنسا، وأعلى معدل على المستوى المحلي تم تحقيقه في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، الذي انطلق منذ عشر سنوات هو أقل من (580 درجة) بين مؤسسات القطاع الحكومي، وفي برنامج ابوظبي للتميز لم تتجاوز جميع المؤسسات المحلية (500 درجة) في السنة الأولى لإطلاق البرنامج، بمعنى لم تفز أي مؤسسه من هذه المؤسسات بالجائزة.



ولمن يرغب في معلومات أضافية عن البوش (لرجاب) ومسمياتها والتي لا يعرفها الكثير منا اليوم، وأذكر منها عندما توضع الناقة صغيرها يسمى (حوار) إن كان (بكره أو قعود)، وعندما يكمل سنه يسمى (فطيم) وبعد أن يكمل سنتين يسمى (حق) وبعد ثلاث سنوات يسمى (لجي) وبعد أربع يسمى (يذاع أو جَذاع) وبعد خمس يسمى (ثني) وبعد الست سنوات يسمى (رباع ) أو (رباعية) إلى أن يكبر في السن ويصبح (حول) .



ومن عادات مربي الجمال اجتماعهم (وبرزتهم) في (العزب) ومفردها عزبه (وهي موقع لتربية الحيوان) وذلك أنها كانت مكاناً لاجتماع ولقاء مربي الجمال (مضمري لركاب) ولتبادل فناجين القهوة و(لعلوم) والأخبار فيما بينهم، وكان (لطنف البوش) دور كبير في حياتهم والمقصود به، عندما (يضيع) يفقد أحد الجمال (إن كانت ناقة أو بعير) عن صاحبه يسأل زميله عن هذه البكره أو القعود ويقول له (ما طنفت لي بكره أو قعود سارح ما ضوء) ويخبره عن عمر الجمل المفقود وبعض صفاته أو الوسم الذي يحمله.



وقد كان (المسراح) هو إطلاق البوش للرعي من الصباح الباكر من (غبشه)،

وبعد أن ترجع من الرعي (تعطن) في فترة الظهر، وبعد القيلولة يكون (المرواح) وهو إطلاق البوش للرعي بعد الظهر.

وبعد أن (تضوي) فترة المساء ترجع من الرعي تقدم لها (المعشه) وهي خليط من التمر وبعض الأعلاف (السبوس أوالشعير)، وبعدها تبيت الليل في العزبة (ينوخ البوش).



ومما سمعته عن مسميات البوش والخاص منها بمراكيض (الهجن) منها (مصيحان ) و (صوغان) ويقال بأن أبو الهجن الأصايل (شاهين) وهو من بوش الحكم لشيوخ.



وهنالك أشواط لركض الهجن ، منها الأصايل أو المهجنات وهي:

(الزمول) وهي الهجن التي عمرها أكبر من سبع سنوات .

و (الحول) و يكون عمرها من سبع سنوات،

و(السداسيات) وهي التي عمرها ست سنوات.

و(ثنايا) هي الهجن التي عمرها (5)سنوات.

و(ثنايا جعدان) وهي الذكور من الثنايا.

و(ثنايا أبكار) وهي الإناث من الثنايا.

و(اليذاع) وهي الهجن التي عمرها (4)سنوات (ذكور وإناث)

و(السودانيات) وهي خاصة بالهجن التي تستورد من السودان ويخصص لها شوط أو أكثر.

وقد كان في السابق الاعتماد على (الركبي) من الأطفال وهو الشخص الذي يركب الجمل في سباق الهجن، ولكن بعد التوجيهات النبيلة من الشيوخ والمسئولين، تم الاستبدال (بالركبي الآلي) وهو جهاز خفيف من الياف بلورية يزن (4 إلى 5) كلغ وهو على شكل دمية تمسك (برصن) الجمل، وتحمل (سوط) طويل تلوح به فيصدر صوتاً يحث الجمل على زيادة سرعته .



وأخيراً.. لكل منا كتاب أو دفتر ذكرياته، إن كان قد كتبها أو حفظها في ذاكرته، ولكل منا تجارب وخبرات يتعلم وينهل منها، وقد تعلمت من تجاربي بأن الأمس هو شيك تم سحبه ، والغد المستقبل هو شيك مؤجل، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة، لذلك فإنه يجب أن تتصرف فيها بحكمة، وتصرفها بعدل .

المستشار
06-05-2009, 01:27 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم عبد الله القايدي

تسلم يداك على هذا الموضوع المميز والمعلومات القيمة التي اوردتها فيه

وعند تحديد الهدف يسهل الوصول اليه ان شاء الله

جزاك الله خير ورحم الله جدك