مشاهدة النسخة كاملة : تفشى الجهل بقواعد اللغة أول مظاهر الفناء
SHAIMMAA
05-31-2009, 06:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تفشى الجهل بقواعد اللغة أول مظاهر الفناء
http://www.toptraining.sa/uploaded/6_1243784280.jpg
اللغة هُوُيّة الإنسان وأهم مقوّمات كيانه
لا أكشف سترا إذا قلتُ إن سلامة العربية
المكتوبة اليوم
فى عهد الثورة المعلوماتية الشبكية فى تقهقر وتردٍ
لافت لكل ذى عينين
عالم بأسس قواعدها يمارس المطالعة
وكل ذى أذنين يسمع المذياع والتلفاز.
واللغة
أية لغة ليست أداة تخاطب وتعبير فقط
إنها عملية تصوّر نفسى ومنهج تفكير عقلى معقّد.
إنها الوسيلة الوحيدة لفهم الوجود وفى تعلّم الموادّ الأخرى
من معارف وعلوم
والطريقة الأساسية للتثقيف وتنمية الرصيد المعرفي.
اللغة هُوُيّة الإنسان وأهم مقوّمات كيانه
ودون هذه الهوية يغدو الإنسان كشجرة بلا جذور
تهوى عند هبوب أية ريح.
وتحرص جميع الأمم الحيّة الراقية قولا وفعلا
على رعاية لغاتها وتطويرها وإكسابها لبنيها وبناتها
على أتم شكل ممكن
وفق أفضل الأساليب العلمية والتقنية الحديثة.
والصلة بين الأمّة ومكانة لغتها
وطيدة جدا
فثمة رباط جدلى صائب بين حضارة الأمّة
ومكانة اللغة.
إنّ موقف الإنسان العربى العادى إزاء لغته محيّر
حبّ وكراهية فى آن واحد
يعتزّ كثيرا بـ”قدسيتها” لما يربطها بالإسلام من علاقة وثيقة
الرسالة الخاتمة بلسان عربى مبين
والله علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم.
وفى التفكير اللغوى الحديث لا مكان للقدسية فى اللغات
فهى ملك للناس وليست الناس ملكا لها
وفى مفهوم التقديس والقدسية جمود وقعود عن التبدل والتطور
واللغة فى تغير دائم.
أضف إلى ذلك جمال العربية وثرائها بقاموسها
واتساع صدرها صرفا ونحوا
من اشتقاق وتعريب وتوليد وقياس واقتراض ونحت وإعراب
لاستيعاب العلوم الحديثة
ومواكبة كافّة المستجدات.
SHAIMMAA
05-31-2009, 06:35 PM
ومن جهة أخرى وعلى أرض الواقع، لا نرى أى انعكاس لهذه الصورة الوردية فى ثقافة ذلك الإنسان العربى الذى طالما يتشبث بتلابيب اللغات الأجنبية على اعتبار أنها أداة وحيدة للاتصال بالحضارة المعاصرة. بعبارة قصيرة، أمامنا حالة من “مركّب نقص”، استولى “سحر الكلمة” على العربى الذى لا يملك أية مفاتيح لولوج عالم هذا السحر والقيام بدور ما ذى وزن.
يبدو واضحا أن الأمّة العربية قد خرجت من نطاق الحضارة الراهنة وبهرها تقدم عدوِّها.
ومن المحزن والمؤرّق أن نرى سريان عدوى الاستخفاف باللغة العربية المكتوبة حتى لدى الدارسين والمدرّسين والكتّاب ويتجلّى هذا الموقف بطوفان الأخطاء اللغوية الأساسية كما سنبين فى العينة العشوائية لاحقا. وقد قرأت أكثر من مرة تبريرا لكاتب مكثار يعزو فيه أخطاءه اللغوية الكثيرة لعدم تعلمه المرحلة الثانوية فى مدرسة عربية. الإقرار بالواقع أمر بدهى بالنسبة لكل من يحترم نفسه إلا أن هذا لا يكفى بل من الواجب العمل على الإصلاح وتغيير الوضع نحو الأفضل.
أمام تحديّات القرن الحادى والعشرين لم يبق للعرب سوى اللغة ومن تبعات العولمة كانت دون ريب هيمنة الإنجليزية على حساب اللغات القومية ومنها العربية. نرى أن هناك مشروعين كبيرين لا بدّ من القيام بكل جهد ممكن من أجل تنفيذهما بأسرع فرصة وبالتزامن فى كافة الأقطار العربية: الأول تبنّى تجربة الدكتور عبد الله مصطفى الدنّان فى إكساب الطفل العربى الفصحى بالفطرة من نعومة الأظافر فى مرحلة الروضة.
من الثابت علميا أن قدرة الطفل اللغوية فى السنوات الخمس- الست الأولى تكون فى ذروتها ومن الغباء حقا عدم استغلال هذا الوضع المثالى لترسيخ الملكة اللغوية كما هى الحال فى باقى لغات العالم صاحبة السبق فى الإنجازات العلمية والمعرفية. صحيح أن وجود اللغة العامية فى حياة الأمم أمر مفروغ منه ولا ينكره إلا من لا وزن لرأيه، إلا أن شقّة الخلاف والاختلاف بين اللغة العربية الأدبية المكتوبة واللهجات/العاميات العربية ما زالت عميقة إذا ما قورن الوضع الثنائى هذا بلغات الشعوب المتقدمة اليوم كالإنجليزية والألمانية والفرنسية والسويدية.
نقول هذا ونحن غير غافلين عن وجود عملية ردم مطّرد لتلك الهوة المذكورة بين لغة الكتابة التى ما زالت فى جوهرها واحدة فى العالم العربى وهى عامل موِّحد وبين لغة التخاطب، لهجات لا عد ولا حصر لها لدى قرابة الثلاثمائة مليون ناطق بها. وفى اعتقادنا يجب أن يكون الهدف من تدريس مادة القواعد تدريب المتلقى أى الطالب على استعمال واع للقاعدة اللغوية فى حالات وأطر جديدة لا عدّ لها ومن الصعب التنبؤ بها.
بعبارة أخرى، الكفاية اللغوية لا تتمثّل بمدى قوّة ذاكرة الطالب بل فى المقدرة التطبيقية للأسس النظرية، للقواعد اللغوية. ألم يئن لأولى الأمر فى أجهزة التربية والتعليم أن يعوا تماما أن اللغة فى جوهرها استخدام وتطبيق، قراءة سليمة وتخاطب وكتابة وليست نظريات و”هلوسات” قواعدية فلسفية. الاستعمال هو الأصل والتقعيد مبنى عليه والغرض من هذا التقعيد الحفاظ على سلامة اللغة للحفاظ على التسلسل الحضارى والتراثى بين الأجيال. الكلام هو عصب حياة اللغة وفى لغتنا الفصحى لا وجود لمثل هذا الكلام بالمعنى الكامل، لغة أم طبيعية.
والمشروع الثانى بغية النهوض النوعى للعرب اليوم يكمن فى اتخاذ العربية المكتوبة العصرية "لا لغة التراث، وهناك مستويات لغوية عديدة يعرفها كل من له صلة باللغويات" لغة التدريس الجامعى فى كل المساقات باستثناء اللغات الأجنبية بالطبع.
هذا ما تقوم به الجمهورية العربية السورية صاحبة الريادة فى هذا المجال منذ العام 1919 إذ أن كلية الطبّ بجامعة دمشق تدرّس بالعربية ومن شروط قَبول المحاضرين إتقان لغة الضاد. وهناك بوادر حسنة فى السير فى هذا الاتجاه فى السودان وليبيا.
SHAIMMAA
05-31-2009, 06:36 PM
وفى هذا السياق يجب التنويه بحقيقة استعمال اللغة العبرية الحديثة فى تدريس كافة المواد وفى كل المستويات التدريسية منذ العام 1925 عند افتتاح الجامعة العبرية فى القدس، ومن المعروف أن العبرية كانت لغة مكتوبة فقط مدة ألف وسبعمائة سنة حتى أواخر القرن التاسع عشر وثروتها المعجمية كانت محدودة جدا. وتشير نتائج الاستفتاءات لمكتب تنسيق التعريب أن العربية هى الأداة الطبيعية للتدريس الجامعى فى كافة الموادّ وأنها ضرورة قومية.
ومما يجدر ذكرُه أن أول كلية طبّ فى مصر كان محمد على باشا قد أقامها العام 1826 والتدريس فيها كان بالعربية وصدرت مجلات طبية معروفة مثل: اليعسوب والمنتخب والثناء. واستمر هذا التدريس لغاية العام 1887 عندما ضغط المحتلون وتبنّوا اللغة الإنجليزية لغة تدريس.
نرى جازمين أن تعليم العلوم فى العالم العربى بلغة أجنبية "إنجليزية، فرنسية، إيطالية" سيؤدى فى آخر المطاف إلى إصابة أجيالنا الصاعدة بالفصام الفكرى وإلى ضياع الهوية القومية. لا هم متمكنون بلغة الأجانب ولا بلغة الأعارب. وكانت منظمة اليونسكو قد أوصت باستعمال اللغة الوطنية فى التعليم إلى أقصى مرحلة ممكنة. وكما قال د. هانى مرتضى، رئيس جامعة دشمق، ليس العرب بدعا بين الأمم إن أرادوا التعليم بالعربية فى الجامعات.
وأضاف قائلاً “لقد درستُ الطبّ بالعربية وتابعت اختصاصى فى كندا وحصلت على شهادة البورد الأمريكى فى الأطفال وعلى شهادة lmcc لممارسة الطبّ فى كندا وعلى شهادة زمالة الكلية الملكية الكندية frcp ولم ألق أى صعوبة فى التدريب أو اجتياز أى امتحان” "ينظر فى بحث السيدة رجاء محمود أبو بكر: تعريب الكليات العلمية فى جامعات الدول العربية".
ومن البدهى الإشارة إلى الدور الكبير الذى تلعبه الصحافة على أنواعها فى تردّى اللغة العربية وتراجعها وانحرافها المطرد عن الأصول. إن الخاصية الجوهرية للكتابة الصحفية هى سلامة اللغة واللغة العربية المكتوبة بحاجة ماسّة لصحفيين حقيقيين ذوى أسلوب راق يُحتذى به، ولغة الصحافة اليوم تعانى من أزمة ضمير الصحافي. وتساهم وسائل الإعلام المتنوعة من صحف ورقية وإلكترونية وإذاعة وتلفزة بنسب متفاوتة فى إيذاء سلامة العربية إذ أن كل شيء تقريبا يُرسل للمواقع الإلكترونية يُنشر دون مشرط التدقيق مبنى ومعنى. هذه الطامة عامّة، انعدام مهمة المدقق "المصحح، المقوّم" اللغوى فى النشر لدى العرب عامة. قبل أكثرَ من ستة عقود عقد العرب مؤتمرهم الأول لمعالجة الوهن والتردى فى مستوى العربية وفى العام الماضى عقد المؤتمر الثانى وجلّ ما يُتفق عليه ويُخطط له يبقى كالعادة حبرا على ورق أو ملفات فى أجهزة الحاسوب اليوم.
مفهوم “الأمية” التقليدى يعنى عدم القدرة على القراءة والكتابة أما الأمية الجديدة فتشمل كلّ من لا يستطيع أن يتكلم ويقرأ ويكتب بلغة عربية سليمة. استنادا إلى هذا التعريف المتشدد نخلص إلى استنتاج محبط جدا بصدد عدد الأميين العرب اليوم خاصة إذا تذكرنا أن عدد أميى التعريف التقليدى يصل قرابة المليون إنسان، ثلث العالم العربي. وكل المؤشرات التى استطعت التحقق منها تشير إلى أن استعمال العاميات العربية فى التدريس الجامعى متفشٍ فى كل الأقطار العربية تقريبا وليس فقط فى الجزائر ودول الخليج العربي. يعتقد الغيارى على سلامة العربية اليوم أنها عربية فى حروفها وفى بعض ألفاظها أما فى الكثير من تراكيبها واستعمالاتها فهى متّسمة بالاعوجاج والانحراف عن أصولها وقواعدها.
وهناك من يذهب إلى أن كل من يقرأ النص العربى غير المشكول بصورة صحيحة يستطيع التحدث بالفصحى وقد أوافقه هذا الرأى إذا كان المقصود إنسانا عربيا، إذ أن جلّ المستشرقين الأجانب المختصين بالعربية والدراسات الإسلامية قادرون على القراءة السليمة هذه دون كبير عناء إلا أنهم عاجزون كلية عن التحدث بأى نمط عربى مقبول.
منقول
مع تحياتى
mohamed.a
05-31-2009, 06:49 PM
أخت / شيماء ، موضوع ممتاز جدا
يحتاج الى وقفة ووقت لمناقشة ايجابياته
حقيقة موضوع رائع ، أشكر صاحبه وأشكرك على
اختياره ونقله الى المنتدى ....
تحياتي اليك
المستشار
05-31-2009, 09:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
أوراق منسية
06-03-2009, 02:30 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع أختي الكريمه .
شكرآ لك .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir