المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشاعرنا نظّاراتٌ ملوّنة...كيفَ تشّوه استقبالنا للنصيحة ؟



SHAIMMAA
04-08-2009, 01:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم






مشاعرنا نظّاراتٌ ملوّنة...

كيفَ تشّوه استقبالنا للنصيحة ؟







http://www.mzaeen.net/upfiles/JVO44240.jpg (http://www.mzaeen.net/)




إليك هذه النصيحة: إذا كنت لتوّك خارجاً من خلافٍ مع أحد زملاء العمل أو مع زوجتك فأرجوك ألاّ تقرأ هذه المقالة الآن لأنّك سوف تتجاهل كلّ ما فيها بالرغم من استناده إلى أبحاثٍ علمية موثّقة.

في ورقة بجث حديثة أعدّها البروفيسور شفايتزر من جامعة بنسلفانيا بالمشاركة مع الباحثة فرانشيسكا جينو من جامعة كارنيجي ميلون يبيّن الباحثان أن العواطف لا تكتفي بالتأثير على انفتاحنا و تقبّلنا للنصيحة المرتبطة بالسبب الحقيقيّ الذي أطلق العواطف وإنّما يمتد التأثير إلى النصائح الأخرى و الأشخاص الصادرة عنهم تلك النصائح حتى لو لم يكن لهم علاقةٌ بمنشأ العواطف المؤثرة علينا في وقتٍ معيّن.

يقول الباحثان:" نحن البشر، نغرق في التركيز على العواطف الثانويّة أو العرّضيّة incidental، العواطف المدفوعةِ بتأثير تجربةٍ سابقة لا علاقة لها بالموقف الراهن. لقد وجدنا أن الناس الذين يشعرون بالامتنان و التقدير العرَضيّين هم أكثر ثقةً بالآخر و أكثر تقبّلاً للنصيحة من أصحاب المشاعر الحيادية، و أصحاب المشاعر الحياديّة هم أكثر ثقةً و تقبلاً ممّن تختلج في صدورهم مشاعر الغضب العرَضيّ"

إن نتائج هذه الورقة البحثية مهمة جداً لكثير من التعاملات في دنيا الأعمال، فالتعاطي مع العملاء و الأطراف الخارجيّة لا يخلو من إحدى صور تلقّي النصيحة أو تقديمها. و كلّ علاقات العمل الداخلية يمكن تلخيصها بتلقي النصيحة أو تقديمها.

في أحد المستويات تبدو نتائج الباحثين بدهيّةً لا حاجة للبحث فيها، فكلنا نعرف أن مزاج المرء يؤثر على تفكيره و كلنا جرّب التوتّر و الانقباض و هي تتسرّب في ذهنه و تضع نظّارةً قاتمةً بينه و بين كلِّ ما ينظر إليه.

و لكن بالرغم من ذلك فإن التحليل الاقتصادي ظلّ يتمسّك – حتى فترة قريبة- بفكرةٍ مبدئية أساسية تقول: " حين تصل الأمور إلى التعامل بالدرهم و الدينار فإن البشر يستطيعون أن يسدلوا على عواطفهم الستار".

و كثيرٌ من أدبيات الاقتصاد التقليدية تبني توقّعاتها على هذا التصور للإنسان العقلاني و على تصوّر أن الأخطاء العاطفيّة الأساس -إذا وقعت- سوف تُمحى في السوق. فمدير الاستثمار الغاضب جراء خسارته في لعبة البارحة سوف يقلّل من قيمة الأسهم التي ينصحه بها أحد المحلّلين، بينما نجدُ مديراً آخر مستبشراً بمولودٍ جديد يبالغ في تقويم تلك الأسهم. و الاعتقاد التقليدي يقول: "إنّ عاملاً عقلانياً لا بدّ أن يكون هناك ليلغي تلك الأخطاء و يترك خلفه سوقاً مرتّبةً فعّالة".

التحليل الاقتصادي التقليدي متمسك بمبدأ أساسي يقول: "حين تصل الأمور إلى التعامل بالدرهم و الدينار فإن البشر يستطيعون اعتزال عواطفهم. و حتّى لو وقعت الأخطاء العاطفيّة فإنّ عقلانية السوق ستمحوها".

- ربما يمكن خلع النظارات أو التعويض عن تشويهها، لكن ما العمل إذا كانت داخل كلّ الأدمغة؟
خلافاً للمنظور الاقتصادي المثالي، وجد الباحثان جينو و شفايتزر من خلال بحثهما أن العواطف يمكنها أن تمارس تشويهاً منهجياً لتلقّي الناس للنصح و بالتالي تشويهاً لعقلانيّتهم. و حين يقع الجميع في الخطأ بطرقٍ متشابهة فإن ذلك يزعزع الحسابات التقليدية المثالية.

SHAIMMAA
04-08-2009, 01:52 AM
يقول شفايتزر: في البداية كان حدسي يوجهني إلى الظن بأننا نحن البشر كثيراً ما نؤسّس قراراتنا المعقّدة على مشاعرنا. فحين يُطرح على أحدنا سؤالٌ معقّد مثل : هل نوظّف هذا الشخص؟ أو هل نشتري هذا البيت فإن عليه أن يتناول الكثير من العوامل و الخصائص المتشابكة، و هكذا فإنّنا نتملّص من البحث الشامل و نلجأ إلى تلخيص جامعٍ بسيط هو عبارةٌ عن شعورنا تجاه المرشح للعمل أو تجاه المنزل. و عندما نقوم بذلك فإننا نجعل أنفسنا عرضةً للوقوع في الأخطاء المبنيّة على المشاعر"


- لا تعرض الميزان! لا تحاول تزيين أقوالك! دع الأمر للمشاعر...:

يبدو حدس البروفيسور شفايتزر معقولاً، و لكن كيف تمكن الباحثان من التدليل عليه؟

صمّم الباحثان تجارب – صعبةً بكل ما في الكلمة من معنى- قاما خلالها بالتلاعب بعواطف الخاضعين للتجارب ثمّ تقديم النصائح لهم و قياس النتائج.

التجربة الأولى -بمشاعري أحكم على أقوالك و على الحقيقة:
1- في تجربنهما الأولى استخدما طلبةً جامعيين و طلبوا منهم الخروجَ بحكمٍ حولَ أمرٍ كانوا واثقين من عجزهم عن التعرف عليه تعرّفاً مؤكّداً. لقد عرضوا على كلٍ من الطلبة صورةَ شخصٍ لا يعرفونه و طلبوا منه تقدير وزنه.

2- و بعد ذلك قاموا بتحريك المشاعر عن طريق مقاطع فيديو.

بعض الطلبة عرضت عليهم مشاهد مثيرة للغضب من فيلمٍ يعرض سيرة إنسانٍ مظلوم. و آخرون شاهدوا مقاطع تحرك مشاعر الامتنان و التقدير من فيلمٍ يتحدث عن موظّفٍ يحسنُ إليه زملاؤه إحساناً عظيماً دون أن بتوقع ذلك منهم. و أمّا بقية الطلاب فقد شاهدوا مادةً حياديةً تتحدّث عن الحياة البحرية.

في دراسةٍ أجراها كلٌ من الباحثين لوحده، قام شفايتزر و جينو بتقويم درجة و كيفية تحريك مقاطع الفيديو للمشاعر المختلفة. و حيث إن الطلبة لم تكن لهم علاقة خاصة بالمشاهد المعروضة فقد أمكن للباحثين تصنيف ردود أفعالهم إلى عرضيّة أو ثانويّة incidental، و استبعاد أن تكون أساسية أو رئيسة integral. (عندما تغضب بعد متابعة دراما عائلية فذلك شعورٌ عرَضيّ، و أمّا إن غضبت بسبب فعلةٍ شنيعةٍ اقترفها ولدك فذلك شعورٌ أساسيّ).

3- بعد مشاهدة مقاطع الفيديو، يتفكّر الطلاب فيما شاهدوه و كيف أصبحت مشاعرهم بعد مشاهدته و يملون ذلك كتابةً. ثمّ تتاح لهم فرصةٌ ثانية لتقدير أوزان الأشخاص في الصور، و لكن هذه المرة يتلقّون تقديراتٍ للأوزان يصفها لهم مديرو التجربة بأنّها تقديراتٌ وضعها مشاركون آخرون في التجربة. و دون أن يعلم المشتركون فإنّهم يتلقونَ نسخةً موحّدةً من هذه التقديرات الإضافية، و هذه التقديراتٌ –أو النصائح- هي تقديراتٌ مساعِدة حقّاً و ليست تقديراتٍ تضليليّة.

4- بعد تحليل النتائج خلص كلٌ من العالمين إلى أن التلاعب بالعواطف كان له دورٌ واضح في التأثير على دقة التقديرات.
إنّ المشاركين الذين مرّوا بمشاعر الامتنان و التقدير للجميل جعلوا للنصيحة اعتباراً أكبر من زملائهم الذين كانت مشاعرهم حيادية.

وأمّا من مرّوا بمشاعر الغضب و الاستياء فقد وضعوا لتلك النصائح اعتباراتٍ أدنى.

و بالرغم من انعدام الصلة بين المشاعر المستثارة في هذه التجربة و بين مهمّة الحكم على الأوزان فقد رأينا أن تلك المشاعر تؤثّر تأثيراً كبيراً على درجة اهتمام المشاركين بالنصيحة و أخذها بعين الاعتبار في قراراتهم.


- التجربة الثانية- بمشاعري أحكم عليك أيضاً:

بالإضافة إلى ما سبق أراد الباحثان قياس العلاقة بين الثقة و بين العواطف و تلقّي النصيحة. و لذلك صمّما تجربة ثانية تكادُ تطابق التجربة الأولى و لا تختلف عنها إلاّ في أنّ الطلبة الخاضعين للتجربة يُسألون قبل تقديم تقديرهم الثاني للأوزان عن مدى ثقتهم في مقدّم النصيحة المجهول الذي لا يُخبرون عنه بأيِّ شيء سوى أنّه مشاركٌ سابق في التجربة.

أظهرت هذه التجربة نتائج مشابهة للتجربة الأولى فاللذين استثيرت فيهم مشاعر الغضب أبدوا أدنى مستويات الثقة بينما أبدى أصحاب مشاعر الامتنان و التقدير أعلاها.


- و في عالم الواقع أيضاً، كثيراً ما تكون المشاعر سيّداً مطاعاً لا يُطلَبُ منه تبرير اختياراته:

خارج المختبرات في عالم الواقع تبدو هذه النتائج في صورٍ متنوّعةٍ مختلفة. فزملاء العمل مثلاً كثيراً ما يغيظ بعضهم بعضاً لأسبابٍ معقولة، مثل إخلاف موعدٍ متفق عليه، أو لأسباب تافهة، مثل الاشمئزاز من الصوت الغريب لضحكة أحدهم. و كائنةً ما تكون العلّة المولّدة للمشاعر فإن المرء كثيراً ما يجدُ حاجزاً منيعاً بينه و بين الآخر و لا يمكنه ملاحظة النصائح الجيدة الصادرة عنه بسبب المشاعر السلبيّة التي يحملها.

يقول شفايتزر: "عندما أكون غاضباً من زوجتي و نتيجةً لذلك أقلّل من ثقتي بك و أخذي بنصيحتك فإنّ ذلك يبدو دون ريب تصرّفاً غير عقلاني. إن تحطيم زوجتي لسيارتي لا علاقة له بك، لكن ربما أنا غاضبٌ لأنك ألغيت اجتماعنا الأخير.

و في حادثة إلغاء الاجتماع قد توجد بالفعل معلوماتٌ حقيقة عن مدى الاعتمادية عليك. إنّ التمييز بين المبررات المنطقية و المبرّرات الانحيازيّة يتطلّب تجربةً مضبوطةً مخصّصةً لذلك و هو ما لم نقم به في بحثنا الحالي. و لكنني واثقٌ من أن مثل هذه التجربة ستؤكّد أنّ قيامك بما يستثير غضب المرء سوف يؤثر على ثقته فيك و تلقّيه لنصيحتك.

SHAIMMAA
04-08-2009, 01:56 AM
- طعامٌ لذيذ و دعاء... المزيد من الوقود للمشاعر الطيبة:


يقول البروفيسور شفايتزر إن أصحاب الذكاء العاطفي العالي يقومون على الأغلب بوضع النتائج التي توصّلنا إليها موضع التطبيق دون انتظار من يخبرهم بذلك. الذكاء العاطفي هو مقدرةُ التعرّف على العواطف و استيعاب طرق تأثيرها و كذلك المقدرة على التأثير عليها أو تغييرها.


صاحب الذكاء العاطفي المرتفع يتقن اختيار الوقت الملائم للحديث مع رئيسه في المواضيع المختلفة، و حين يأتي زميله في العمل متذمّراً من مشكلات السفر فإنّه يتقن اكتشاف ذلك التذمّر و يعلمُ بأنّه لن يستجيب الآن الاستجابة المتوقّعة فيؤجّل الحديث، أو يعرفُ كيفَ يولّد المشاعر الإيجابيّة المؤهّلة لاستقباله فيهيّؤها قبل الانطلاق في حديثه.


و المفاوضون المهرة غالباً ما يكون لديهم مستوى رفيعُ من هذا الذكاء و يستخدمونه بطرقٍ محدّدةٍ دقيقة خلال عملهم. و هكذا قد تراهم يعتذرون عن توليدهم فهماً مغلوطاً لدى الطرف الآخر حتى لو لم يكن لهم دورٌ كبير في ذلك و ليس عليهم الاعتذار، أو ربما تراهم في أوقات التوتّر يطلبون استراحةً و يترك أحدهم طاولة الاجتماع ليتناول شراباً منعشاً و يجلبه أيضاً إلى مفاوضيه الآخرين على الطاولة.


إنّ أيّ شيءٍ يجعل الطرف الآخر يشعر بالامتنان و التقدير يمكن أن يساعد المفاوضين في مهمّتهم. و هكذا ترى بعضهم يفتتح الاجتماع بالدعاء إذا كان المشاركون متديّنين لأن ذلك يجعلهم في مناخٍ ذهني أكثر تقبلاً و تسامحاً، و بالطبع إن لم يكونوا متديّنين فإن ذلك الافتتاح يمكن أن يكون سلبيّاً فيغيظهم. إنّ كلَّ هذه التكتيكات تتطلّب إحساساً مرهفاً و عنايةً بالتفاصيل الدقيقة.


و يتابع شفايتزر: و هكذا نرى وارن بافيت يفتتح خطاباته في بعض الأحيان بالحديث عن البركة و التوفيق العظيمين اللذين يحيطان به وبالمشاركين حتى جعلتهم يعيشون في تلك المرحلة الرائعة و في ذلك البلد العظيم، و هو إذ يفعل ذلك فإنه يرجو أن يفيض ذلك الشعور بالامتنان و التقدير فيؤثر تأثيراً حسناً على استقبال مستمعيه لحديثه التالي.


و في كل أشكال التعاطي في حياة العمل يرى الباحثان أثر العواطف الذي بحثاه في تجاربهما. فعندما يصطحب مندوب المبيعات أحد العملاء إلى مباراةٍ رياضية فإنّ فعله في الحقيقة لا يتوقّف عند الأثر الواضح من زرعٍ للألفة بينه و بين ذلك العميل بل هو يبعث فيه شعور الامتنان، و كذلك هو الأمر عندما يجلب مندوب شركة الأدوية إلى عيادة الطبيب الشطائر اللذيذة المفضّلة في وقت الغداء، ويعرضها على الطاولة قبل عرض العقاقير.


لكن هل يمكن أن ترتدّ هذه التصرفات فتعطي مفعولاً عكسيّاً؟


أجل بالتأكيد! إنّها سترتدّ حين تبدو مصطنعةً زائفة. أو مبالغاً فيها إلى درجةٍ يصعب على أيّ عاقلٍ تصديقها، و النتيجة الوحيدة هي أنها ستولّد غضباً عارماً لدى الطرف الآخر.


البروفيسور موريس شفايتزر



منقول



مع تحياتى

المستشار
04-08-2009, 01:16 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

SHAIMMAA
04-08-2009, 04:39 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكرا لك دكتور