المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعلم القدوة وتأثيره التربوي



SHAIMMAA
10-19-2014, 03:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم




المعلم القدوة وتأثيره التربوي



الإنسان يتطلع إلى نموذج يقتدي به في سجاياه وتصرفاته، وقد يبحث بعض الناس عن نماذج متعددة، فواحد له قدوة من العلماء العباقرة، وآخر له قدوة من المصلحين، وثالث له قدوة من الرياضيين. وهلم جراً.

وحاجة الإنسان إلى القدوة فطرية، لذا نجد الناس كباراً وصغاراً يحذون حذو من يحبون، فالكبار يقلدون ويتشبهون، والأطفال يقلدون ويتشبهون، دافعهم الإعجاب والرغبة في الارتقاء إلى مصاف الصفوة واللحاق بهم، أو تعلُّم أشياء جديدة منهم، كما يحصل في عالم الصغار، فالطفل يقلد والديه ويقتدي بهما ليتعلم كيف يحيا حياة صحيحة، وذلك تابع من ثقته اللامحدودة بهما:
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إنّ التشبه بالكرام فلاح

وإذا كان الناس على اختلاف مناصبهم وأعمارهم بحاجة إلى من يتخذونه قدوة، فإنّ التلاميذ وطلاب العلم بحاجة ماسة إلى تلك القدوة.

ومَن غير المعلم لهذه المهمة؟ فالمعلم مرب ومشرف ورائد، فما هي الصفات والخصائص التي تجعل منه قدوة؟

المعلم القدوة يجب أن يكون متميزاً في مظهره وسلوكه وثقافته، والتميز هو أن يكون متفرداً في صفاته عن الناس متفوقاً فيها، فمن حيث المظهر يكون ذا هيئة جميلة، لباساً ونظافة وترتيباً، فالمعلم صاحب ذوق في اختيار ملابسه، يتخير الألوان المتوافقة المناسبة، كما أنّه يحافظ على نظافته وأناقته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ويسعى جاهداً ليبقى صحيح الجسم والعقل، يقظ الوجدان، تبدو عليه الصحة والحيوية والنشاط والفطنة، إلى جانب ذلك يتمتع بشخصية متزنة تتصف بسلوك قويم، وهو ينجز التزاماته، ويقوم بما عليه من واجبات، جدير بثقة الآخرين، يبني معهم علاقات طيبة، ويتحلى بالصبر والأناة في تأدية مهماته التربوية.


إنّ المعلم القدوة إنسان فاضل، يتميز بالصدق في عمله بحيث توافق أقواله أفعاله، فإنّ أمر تلاميذه ودعاهم إلى فضيلة، كان هو السباق إليها، وإن نهاهم عن رذيلة كان أبعد الناس عنها.

يحب العلم والعلماء، ويتحدث بوضوح وسهولة، وتعبير مناسب حسب مقتضى الحال، فالحسن عند التلاميذ ما استحسنه المعلم والقبيح عندهم ما استقبحه.

ولقد فطن لهذا الأمر الآباء، فأوصوا مربي أبنائهم بالانتباه إلى ذلك فقال "عمرو بن عتبة" لمؤدب ولده: "ليكن إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت" وهو طيب الأخلاق مع الناس، وخاصة مع تلاميذه.

أما الثقافة والأهلية التربوية، فالمطلوب من المعلم القدوة، أن يكون مطلعاً على فنون الثقافة، بحيث يلمّ من كلّ فن بطرف، وخاصة فيما يتعلق بمناهج المرحلة التي يدرسها، وأن يكون واسع الاطلاع على التربية نظرياً وتطبيقياً؛ فالتلاميذ يعجبون بالمدرس الماهر الذي يتقن إيصال المعلومات والأفكار إليهم، ويحبون بل يعجبون بكل جديد يسمعونه.

إذا توافرت هذه الصفات، من مظهر متميز وسلوك رائد وثقافة واسعة في المعلم القدوة، فسيكون له تأثير بالغ في سلوك من يربي وفي تحصيلهم الدراسي...

وهذا ما أكده علماء التربية، ففي دراسة في "المجلة العربية للتربية" عن سلوك المعلم وتأثيره في الطالب، جاء فيها: "إنّ المعلّم الكفء والفعال يملك القدرة على المساهمة في بناء سلوك الطالب وتوجيهه، ومن ثمّ التأثير في حياته في المستقبل، وتسهيل تنمية عمليات النمو المختلفة، الانفعالية والاجتماعية والعقلية والجسمية التي يكون لها من ثمّ تأثير كبير في درجة تحصيل الطالب".

إنّ توافر الصفات التي تؤهل المعلم لكي يكون محط أنظار الطلاب ومحل ثقتهم ومحبتهم، تتطلب من المشرفين على إعداد المعلم، أن يؤهلوه تربوياً على نحو ممتاز، وأن يوفروا ما يحتاج إليه بعد تسلمه مهمته وتأديته رسالته، وأن يعطى ما يستحق مادياً ومعنوياً، لكي يقوم بدوره البارز قدوة وتوجيهاً وإشرافاً وتربية، وينهض بالجيل، وينهض الجيل به، ويعرف كيف يعمق علاقته بمن يربي، فسر نجاح التربية – في رأيي – يتوقف على عمق العلاقة بين المعلم والتلميذ، وعلى التواصل الحميمي بينهما، فكلما تعلق التلميذ بالمعلم وأحبه كان أكثر استفادة منه وتأثراً به، وتَرَسَّمَ خطاه وقلده وحاكاه، فيتحسن سلوكه وتحصيله الدراسي، فقد توصل عدد من الباحثين إلى أن اتصاف المعلم بالدفء والمهارة في التفاعل الاجتماعي مع طلابه، والحماسة والرغبة في مهنة التدريس، تساهم جميعاً في زيادة تحصل الطالب.

إنّ المعلم النموذج القدوة له تأثير تربوي على من يعلم، فهو بالنسبة لهم كالشعلة التي تضيء لهم دروب الحياة.



منقول


مع تحياتى